189

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan

تفسير العثيمين: الفرقان

Mai Buga Littafi

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٣٦ هـ

Inda aka buga

المملكة العربية السعودية

Nau'ikan

مستفادٌ من نورِ الشمسِ، وليس مستقلًّا بالإضاءة، فالَّذِي يدل على الظلِّ أصلًا هي الشمس.
قوله: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا﴾ جَعْلُ الشَّمْس دليلًا عَلَى الظلِّ فِيهِ دليلٌ ليسَ عَلَى مجرَّدِ وجودِ الظلِّ، بل دليل عَلَى ما فِيهِ من المصالحِ، وَهِيَ أَيْضَا مدلولٌ عَلَيْهَا به، فالشَّمْس الآنَ يُستدَلُّ بها عَلَى ما في الظِّلّ مِنَ المصالحِ، ويُستدَلُّ بالظِّلّ عَلَى ما فِيهَا من المصالحِ أَيْضًا؛ لأنَّ غُيُوبَ الشَّمْسِ عنِ الْأَرْض قد يؤثِّر، وبقاءَها دائمًا عَلَى وجهِ الْأَرْضِ قد يؤثِّر، مثل قول اللَّه ﷾: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (٧١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [القصص: ٧١ - ٧٢]، فكونُ هَذَا دليلًا عَلَى هَذَا، وهذا دليلًا عَلَى هَذَا؛ هو أَيْضًا من رحمةِ اللَّهِ؛ لِأنَّهُ لَولَا الشَّمْس ما عَرَفْنَا فائدةَ الظِّلِّ، ولولا الظِّلّ ما عرفنا فائدة الشَّمْس، فكلٌّ منهما في الحقيقةِ دالٌّ ومدلولٌ.
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿ثُمَّ قَبَضْنَاهُ﴾ أي الظِّلّ الممدود إِلينا ﴿قَبْضًا يَسِيرًا﴾ خفيًّا بطُلُوعِ الشَّمْسِ].
قوله: ﴿قَبْضًا يَسِيرًا﴾ هل المرادُ باليَسِير هنا صفة للفعل، يعني أَنَّ قَبْضَنَا إيَّاه يَسيرٌ علينا؛ كَقَوْلِهِ ﷾: ﴿ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ﴾ [ق: ٤٤]، أو أن المراد بقولِه: ﴿يَسِيرًا﴾ يَعْنِي أن القبضَ كَانَ شَيْئًا فشيئًا؟
الأخير أظهرُ، وهو المتبادَرُ؛ أن اللَّه تَعَالَى قَبَضَ هَذَا الظِّلَّ قبضًا يسيرًا، شَيْئًا فشيئًا، وهو مُنْطَبِقٌ عَلَى كلِّ التفسيراتِ السابقةِ.

1 / 194