كالأولين؛ الأولون استوقدوا النار، وصار عندهم شيء من النور بهذه النار، ثم. والعياذ بالله. انتكسوا؛ لكن هؤلاء من الأصل في ظلمات؛ فيكون هذا المثل غير المثل الأول؛ بل هو لقوم آخرين؛ والمنافقون أصناف بلا شك ..
و"الصواعق" عبارة عما في القرآن من الإنذار، والخوف؛ ولهذا يقول الله ﷾ عنهم في آية أخرى: ﴿يحسبون كل صيحة عليهم﴾ [المنافقون: ٤]؛ و"البرق" نور الإسلام، لكنه ليس نورًا يستمر؛ نور البرق ينقطع في لحظة؛ وميض؛ فهؤلاء لم يدخل الإيمان في قلوبهم أصلًا، ولا فكروا في ذلك؛ وإنما يرون هذا النور العظيم الذي شع، فينتفعون به لمجرد خطوة يخطونها فقط؛ وبعد ذلك يقفون؛ كذلك أيضًا يكاد البرق يخطف أبصارهم؛ لأنهم لا يتمكنون من رؤية النور الذي جاء به النبي ﷺ؛ بل لكبريائهم، وحسدهم للعرب يكاد هذا البرق يعمي أبصارهم؛ لأنه قوي عليهم لا يستطيعون مدافعته، ومقابلته ..
فالظاهر أن القول الراجح أن هذين مثلان يتنَزلان على صنفين من المنافقين ..
فإن قال قائل: الصنف الأول كيف نقول: إنه دخل الإيمان في قلوبهم؟
فالجواب: نقول: نعم؛ قال الله تعالى: ﴿ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون﴾ [المنافقون: ٣]؛ وهذا يدل على أنهم آمنوا أولًا، ثم كفروا ثانيًا؛ لأن الإيمان لم يستقر في قلوبهم، ولم تستنر به؛ وإنما هو وميض ضوء ما لبث أن طفئ؛ وإلا فإن الإيمان إذا دخل القلب دخولًا حقيقيًا فإنه لن