26

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ankabut

تفسير العثيمين: العنكبوت

Mai Buga Littafi

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٣٦ هـ

Inda aka buga

المملكة العربية السعودية

Nau'ikan

"الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كفَّارَةٌ لمَا بَينَهُمَا" (^١)، فالأعمالُ الصَّالحةُ تكونُ بمنزلَةِ الغُلافِ على الأعمالِ السَّيِّئةِ، حتى لا يَظهَرَ لها أثَرٌ. وقوله: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾: الجزاءُ بمَعنَى المكافَأةِ عَلَى الشيءِ، وقولُه: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ﴾ هذه الجُملةُ أيضًا مؤكَّدَةٌ بثلاثَةِ مُؤكِّدَاتٍ، وهي: القَسمُ، واللَّامُ، والنُّونُ. وقولُهُ: [﴿أَحْسَنَ﴾ بمعنى حَسَن]، وكأَنَّه فَرَّ من إشكالٍ قَدْ يُورَدُ، وهو: أن الآيةَ تَدُلُّ على أنهم يُجْزَونَ أحسنَ الذي كانوا يعْملونَ، فأينَ جَزاءُ الحَسَنِ؟ لأن العَملَ الصالحَ حسَنٌ وأحسَنْ، فإذا كَانتِ الآيَةُ: ﴿أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ فمعنى ذلك أن الحَسَنَ لا يُجَازَون عليه، فلهذا أوَّلَ المُفَسِّر ﴿أَحْسَنَ﴾ بمعنى: حَسَن، أي: حسَنُ ما كانوا يعمَلُونَ. ولكن نَحْنُ نَرى أنه لا حاجَةَ إلى التَّأْويلِ، وأن ما دَلَّتْ عليه الآيَةُ أَوْلى مما قدَّرهُ المُفَسِّر، وهو أنَّ اللَّه يقولُ: لنَجْزِينَّهم أحسنَ جزاءٍ، وأحسنُ جزاءٍ بيَّنَهُ اللَّه تعالى في قَولِهِ: ﴿مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠]، وقال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: ٢٦١]، فهذا الجزَاءُ أحسنُ جزاءٍ؛ لأن الجزاءَ غايتُهُ أن يكونَ مِثْلما فَعَل الفاعِلُ، لكن هنا يجازَى بأحسنَ وأعْظمَ، وعلى هذا فيكونُ (أحسنَ) ليس مَنْصوبًا كما قال المُفَسِّر: [بِنَزْعِ الخَافِضِ البَاءِ]، بل هو مفعولٌ ثانٍ لقوله: (نَجْزِي)، والمفعولُ الأوَّلُ هو الهاء. والنون في قولِهِ: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ﴾ للتَّوكيدِ،

(^١) أخرجه البخاري: كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، رقم (١٦٨٣)؛ ومسلم: كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، رقم (١٣٤٩).

1 / 30