ولكنهم أخَّروهَا لأن (إنَّ) للتوكيدِ أيضًا، فكَرِهوا أن يجتمِعَ مؤكِّدانِ متوالانِ، وزَحْلَقوا اللام إلى مكانها في الخبرِ.
وقوله: ﴿فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ﴾ (آتٍ): خبرُ إنَّ لأنها اسمٌ منْقُوصٌ؛ والاسم إما منْقُوصٌ أو مقْصورٌ أو مَمْدودٌ أو صحيحُ الآخِرِ، فهنا نقولُ: لأنها منقوصةٌ، أصلُهَا: (لآتي) بالياء، فحُذِفَتِ الياءُ وعُوِّض عنها بالتنوين: ﴿لَآتٍ﴾ وعلى هذا فنقول: (آتٍ) خَبَرُ (إنَّ) مرفوعٌ بها، وعلامة رَفْعِه ضمَّة مقدَّرة على الياءِ المحذوفةِ لالتقاءِ الساكِنَين.
﴿وَهُوَ﴾ أي: اللَّهُ ﷾.
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿السَّمِيعُ﴾ لأقْوالِ العِبادِ ﴿الْعَلِيمُ﴾ بأفْعالهِمْ] اهـ.
السَّمِيعُ يعني: ذا السَّمْعِ، الذي لا يَخْفَى عليه شيءٌ، كلُّ شيءٍ مِنَ المسمُوعاتِ فإنَّ اللَّه تعالى مُدْرِكه، والسَّمْعُ ينقسم إلى قسمين:
١ - سَمْعُ إدْراكٍ.
٢ - سَمْعُ إجابةٍ.
فالأَوَّلُ: مثلُ قولِهِ تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ﴾ [المجادلة: ١١].
والثاني: مِثْلُ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ رَبِّى لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم: ٣٩]، ومثلُ قولِ المصلِّي: (سمِعَ اللَّهُ لمن حَمِدهُ)، فإن المعنى: أنه استَجابَ.
وسَمْعُ الإدراكِ ينْقسِمُ إلى أقسامٍ:
مِنهَا: ما يَقْتضي التَّهديدَ.
ومنها: ما يَقْتضِي النَّصر والتأييدَ.
ومنها: ما يُقصدُ به مجرَّدُ الإدراكِ.