Tafsir al-Tabari - Jami' al-Bayan
تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث
Lambar Fassara
بدون تاريخ نشر
Nau'ikan
عن أبيه، عن الربيع بن أنس،"الذين يؤمنون بالغيب": آمنوا بالله وملائكته ورُسُلِه واليومِ الآخِر، وجَنّته وناره ولقائه، وآمنوا بالحياة بعد الموت. فهذا كله غيبٌ (١) .
وأصل الغيب: كُلّ ما غاب عنك من شيءٍ. وهو من قولك: غاب فُلان يغيبُ غيبًا.
وقد اختلفَ أهلُ التأويل في أعيان القوم الذين أنزل الله جل ثناؤه هاتين الآيتين من أول هذه السورة فيهم، وفي نَعْتهم وصِفَتهم التي وَصفَهم بها، من إيمانهم بالغيب، وسائر المعاني التي حوتها الآيتان من صفاتهم غيرَه.
فقال بعضُهم: هم مؤمنو العربِ خاصة، دون غيرهم من مؤمني أهل الكتاب.
واستدَلُّوا على صحّة قولهم ذلك وحقيقة تأويلهم، بالآية التي تتلو هاتين الآيتين، وهو قول الله ﷿: (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) . قالوا: فلم يكن للعرب كتابٌ قبل الكتاب الذي أنزله الله ﷿ على محمد ﷺ، تدينُ بتصديقِه والإقرار والعملِ به. وإنما كان الكتابُ لأهل الكتابين غيرِها. قالوا: فلما قصّ الله ﷿ نبأ الذين يؤمنون بما أنزل إلى محمد وما أنزل من قبله -بعد اقتصاصه نبأ المؤمنين بالغيب- علمنا أن كلَّ صِنفٍ منهم غيرُ الصنف الآخر، وأن المؤمنين بالغيب نوعٌ غيرُ النوع المصدِّق بالكتابين اللذين أحدهما مُنزل على محمد ﷺ، والآخرُ منهما على مَنْ قَبْلَ رسول الله (٢) .
(١) الأثر ٢٧٦- ذكره ابن كثير ١: ٧٣ هكذا: "قال أبو جعفر الرازي عن الربيع ابن أنس عن أبي العالية. . . ". وذكره السيوطي ١: ٢٥ هكذا: "وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية. . ". فأخشى أن يكون ذكر"عن أبي العالية" سقط من الإسناد من نسخ الطبري، لثبوته عند هذين الناقلين عنه.
(٢) في المخطوطة: "والآخر منهما على من قبله رسول الله"، والظاهر أن صوابها: "على من قبل رسول الله"، كما أثبتناها. وأما المطبوعة ففيها: "على من قبله من رسل الله تعالى ذكره".
1 / 237