282

Tafsir Al-Samin Al-Halabi - From Ayah 138 of Surah Al-Imran to the End of the Surah

ترجيحات السمين الحلبي - من آية ١٣٨ سورة آل عمران إلى آخر السورة

Nau'ikan

على الظهر يكون بعد العجز عن القعود (^١).
وأما حديث عبد الله بن عمر ﵄ فإنه روي بلفظ: (المريض يصلي قائمًا، فإن لم يستطع فقاعدًا، فإن لم يستطع فمضطجعًا) (^٢)، وهو بهذا اللفظ يُحمل على أنه الاضطجاع على الجنب وليس على القفا، لأن ذلك هو المعهود في اللغة (^٣)، ولأنه جاء بيانه في حديث عمران بن حصين ﵁.
وبهذا يتبين أن الحديثين يتبعان حديث عمران بن حصين، فهما حجة للقول بأن الاضطجاع على الجنب هو المقدَّم بعد العجز عن القعود (^٤).
واعترض بعض أهل العلم على حديث عمران بن حصين ﵁ بأنه حالة مخصوصة، فإن عمران بن حصين ذكر في الحديث أنه كانت به بواسير فسأل النبي ﷺ عن الصلاة فأرشده إلى أن يصلي قائمًا، فإن لم يستطع فقاعدًا، فإن لم يستطع فعلى جنب؛ قالوا: فأرشده النبي أن يصلي على جنبه لأنه لا يمكنه أن يستلقي على قفاه بسبب ما به من البواسير (^٥)، ويمكن الجواب عنه بأمور:
الأول: أن النبي ﷺ أجابه بجواب عام يشمل حالته وحالة غيره من المرضى، فذكر له القيام في أول الأمر، وليست علة البواسير على ما فيها من الأذى بمانعةٍ من القيام (^٦).
الثاني: أنه قد ذكر أهل العلم أن النسائي روى الحديث عن عمران بن حصين، وزاد: (فإن لم تستطع فمستلقيًا؛ ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]) (^٧)، فأرشده النبي

(^١) ذكره الزيلعي في نصب الراية (٢/ ١٧٧).
(^٢) رواه أبو الشيخ الأصبهاني في طبقات المحدثين (٣/ ٥٣٨) ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (٣/ ٨٣/ ٢١٢٧)، وذكر أنه غير محفوظ بذلك الإسناد، وإنما المحفوظ هو الموقوف عن ابن عمر ﵄، وقد تقدم عزوه.
(^٣) قال الأزهري في تهذيب اللغة (١/ ٢١٧): "إذا قالوا: صلَّى مضطجعًا، فمعناه أن يضطجع على شقه الأيمن".
(^٤) وبذلك استدل البيهقي في كتابه الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه (٣/ ٨٢ - ٨٤).
(^٥) ينظر في المبسوط للسرخسي (١/ ٢١٣)، وفتح القدير لابن الهمام (٢/ ٤).
(^٦) ينظر في فتح الباري لابن حجر (٢/ ٥٨٨).
(^٧) ذكر الزيادة ابن قدامة في المغني (٢/ ١٠٦) والمجد ابن تيمية في المنتقى (ص: ٢٨٤) والزيلعي في نصب الراية (٢/ ١٧٥) وابن الملقن في البدر المنير (٣/ ٥١٩) وابن حجر في التلخيص الحبير (٢/ ٦٣٦) والعيني في البناية (٢/ ٦٣٦)، ولم أقف عليها في كتب النسائي، وعزاها النفراوي أيضًا في الفواكه الدواني (١/ ٢٤٢) إلى ابن صخر.

1 / 282