Tafsir Al-Samin Al-Halabi - From Ayah 138 of Surah Al-Imran to the End of the Surah
ترجيحات السمين الحلبي - من آية ١٣٨ سورة آل عمران إلى آخر السورة
Nau'ikan
ذكره ابن عباس والسدي في معنى الفضل في قوله: ﴿فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ﴾، ووجه دلالة ذلك على هذا القول، وجاء ذكر الآيات في سياق غزوة بد الموعد فيما رواه الزهري من المغازي (^١). (^٢)
٢) أدلة القول الأول في المسألة:
يدل على ترجيح ما ذكره السمين الحلبي من أن الآيات هي في غزوتين دليلان:
الأول: الروايات في سبب نزول قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾ وما بعده؛ قال مجاهد: "هذا أبو سفيان؛ قال لمحمد ﷺ: موعدكم بدر حيث قتلتم أصحابنا فقال محمد ﷺ: «عسى» فانطلق رسول الله ﷺ لموعده حتى نزل بدرًا، فوافقوا السوق فيها وابتاعوا؛ فذلك قوله ﵎: ﴿فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ﴾ " (^٣).
الثاني: السياق، وذلك في المراد بالفضل في قوله: ﴿فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ﴾، وروي عن ابن عباس ومجاهد والسدي وغيرهم أن الفضل في الآية هو الربح في التجارة (^٤)، والفضل يطلق في القرآن ويُراد به الرزق والربح، كما في قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَّبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨]، وقوله: ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [المزمل: ٢٠] (^٥)، وهذا الفضل أظهر أن يكون في غزوة بدر الموعد، فإنها هي التي ذُكر فيها أنهم وافقوا السوق وابتاعوا (^٦).
٣) أدلة القول الثاني في المسألة:
(^١) رواه البيهقي في دلائل النبوة (١/ ٣٨٦).
(^٢) تنبيه: استشهد الأصوليون بقوله ﴿الذين قال لهم الناس﴾ على أن اللفظ العام قد يُراد به الخصوص وأن المراد بالناس نُعيم بن مسعود، وقصته في غزوة بدر الموعد، لكنها مسألة لفظية بمعزلٍ عن الرواية، ولا يثبت القول فيها إلا لمن ذكر الرواية، فإن الطبري ذكر ذلك في تفسيره (٣/ ٥٣٢) ثم عند الرواية رجَّح القول الآخر، وذكر ابن حجر في موافقة الخبر (٢/ ٥٧) أنه لم يقف على إسناد بأن المراد نُعيم، وذكر الشافعي أن المسألة تنطبق على القول الآخر (تقدَّم).
(^٣) رواه الطبري في تفسيره (٦/ ٢٥٠) وابن المنذر في تفسيره (٢/ ٥٠٢)، وسيأتي عزو باقي الروايات عن غير مجاهد.
(^٤) رواه الطبري في تفسيره (٦/ ٢٥٤)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨١٩)، والبيهقي في دلائل النبوة (٣/ ٣١٨).
(^٥) ينظر في الكشاف للزمخشري (١/ ٤٤٢)، وينظر في الوجوه والنظائر لأبي هلال العسكري (ص: ٣٨٥).
(^٦) ينظر في تفسير المنار لرشيد رضا (٤/ ١٩٩).
1 / 225