94

Tafsir al-Quran al-Thari al-Jami'

تفسير القرآن الثري الجامع

Nau'ikan

سورة البقرة [٢: ٨٣]
﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِى إِسْرَاءِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ﴾:
﴿وَإِذْ﴾: الواو.
أي: واذكروا ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِى إِسْرَاءِيلَ﴾: أو اذكروا حين أخذنا.
الميثاق: هو العهد الموثق، المؤكد بأدلة، أو شهود، أو بأيمان أو قسم مأخوذ عليهم في التّوراة.
﴿مِيثَاقَ بَنِى إِسْرَاءِيلَ﴾: بنو إسرائيل هم الأجداد والآباء، أخذنا الميثاق من الأجداد، والآباء الأولين؛ أي: السلف.
وهذا الميثاق الذي أخذه على بني إسرائيل، جاء على ألسنة أنبيائهم، ورسلهم، يتضمن ثمانية تكاليف.
١ - ﴿لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾: لا: الناهية.
﴿تَعْبُدُونَ﴾: من العبادة، وهي طاعة المعبود فيما أمر، ونهى عنه، ولا تكون إلَّا للخالق، ولها أجر. وله منهج.
﴿إِلَّا﴾: أداة حصر إلَّا الله وحده، وهذا قمة الإيمان؛ أي: لا تشركوا به شيئًا.
٢ - ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾: ارجع إلى سورة النّساء، آية (٣٦)، وسورة الإسراء آية (٢٣)، وسورة الأحقاف لمزيد من البيان، والباء: للإلصاق.
٣ - ﴿وَذِى الْقُرْبَى﴾: والإحسان إلى ذي القربى؛ أي: أن تصلوا أرحامكم، وباقي القرابات، ولو قال: بذي القربى كما في سورة النساء آية (٣٦)، لكان ذلك؛ يعني: أولادكم، وأبناء أولادكم، وأبناء بناتكم؛ أي: أقرب الأقرباء، وتعني: التوكيد.
٤ - ﴿وَالْيَتَامَى﴾: والإحسان إلى اليتامى، واليتيم هو الذي فقد والده وهو طفل قبل سن البلوغ.
٥ - ﴿وَالْمَسَاكِينِ﴾: والإحسان إلى المساكين، وتعريف المسكين: الذي لا يملك ما يكفيه لحاجاته.
﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ﴾:
﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾: ﴿حُسْنًا﴾: من الحسن، و﴿حُسْنًا﴾: مصدر حسن، وهو ما حسنه الشرع؛ أي: كلامًا طيبًا، لينًا. ﴿لِلنَّاسِ﴾: اللام: لام الاختصاص، النّاس. ارجع إلى الآية (٢١) من نفس السورة لمزيد من البيان.
﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾: ارجع إلى الآية (٤٣) من سورة البقرة.
﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ﴾: ثم: تشير إلى الترتيب، والتراخي في الزمن، حيث هناك زمن طويل، بين الآباء؛ الّذين أخذنا منهم الميثاق، وبين الأبناء.
﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ﴾: أي: الكل تولى، أو توليتم، كما تولى آباؤكم، ولم يذكر الآباء؛ لأنّ ذكرهم متضمن في قوله: ﴿تَوَلَّيْتُمْ﴾، والتولي يعني عن الوفاء بالميثاق، ولم تعملوا به، بقصد ونية.
﴿إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ﴾: إلّا أداة استثناء؛ أمثال: عبد الله بن سلام وأصحابه.
﴿وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ﴾: معرضون عن الوفاء بالميثاق، والالتزام بما وصَّاكم الله به، كما أعرض آباؤكم وأنتم معرضون، تدل على أنهم متعمِّدون الإعراض عن العمل بالميثاق، كما فعل آباؤهم.

1 / 90