Tafsir al-Qasimi Mahasin al-Ta'wil

Muhammad Jamal Din Qasimi d. 1332 AH
79

Tafsir al-Qasimi Mahasin al-Ta'wil

تفسير القاسمي محاسن التأويل

Bincike

محمد باسل عيون السود

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤١٨ هـ

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

وإذا ثبت هذا، فجميع ما تقدم جار على أن لكل موطن ما يناسبه إنزال القرآن، إجراؤه على البشارة والنذارة. وهو مقصوده الأصليّ، لأنّه أنزل لأحد الطرفين دون الآخر وهو المطلوب. وبالله التوفيق. ثم قال الشاطبيّ: فصل ومن هنا يتصور للعباد أن يكونوا دائرين بين الخوف والرجاء. لأن حقيقة الإيمان دائرة بينهما. وقد دل على ذلك الكتاب العزيز على الخصوص. فقال: إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إلى قوله: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ [المؤمنون: ٥٧- ٦٠] . وقال: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ [البقرة: ٢١٨] . وقال: أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ [الإسراء: ٥٧] . وهذا على الجملة. فإن غلب عليه طرف الانحلال والمخالفة، فجانب الخوف عليه أقرب. وإن غلب عليه طرف التشديد والاحتياط فجانب الرجاء إليه أقرب. وبهذا كان ﵇ يؤدب أصحابه. ولما غلب على قوم جانب الخوف قيل لهم: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ... [الزمر: ٥٣] الآية. وغلب على قوم جانب الإهمال في بعض الأمور فخوّفوا وعوقبوا. كقوله: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ... [الأحزاب: ٥٧] الآية. فإذا ثبت هذا من ترتيب القرآن ومعاني آياته، فعلى المكلف العمل على وفق ذلك التأديب. فصل في أن الأحكام في التنزيل أكثرها كلية ولذا احتيج في الاستنباط منه إلى السنة قال الشاطبيّ: تعريف القرآن بالأحكام الشرعية أكثره كلّي لا جزئيّ. وحيث جاء جزئيّا فمأخذه على الكلية، إما بالاعتبار أو بمعنى الأصل إلا ما خصه الدليل. مثل خصائص النبي ﷺ. ويدل على هذا المعنى، بعد الاستقراء المعتبر، أنه محتاج

1 / 80