126

Tafsir Al-Muntasir Al-Kattani

تفسير المنتصر الكتاني

Nau'ikan

الكلام على الحروف المقطعة قال تعالى: ﴿كهيعص﴾ [مريم:١]، اختلف المفسرون في معنى الحروف المقطعة، فقال قوم: كل حرف يدل على اسم من أسماء الله، فالكاف هنا بمعنى: يا كريم! أو يا كافي! والياء بمعنى: يا بديع! والهاء هو الله ﷻ، وهكذا. وقال قوم: لكل حرف من هذه الحروف المقطعة عدد من الأعداد يستخرج به معنى من المعاني، وقد قيل هذا فهمًا عن صحابة وتابعين، واختلفوا فيه كثيرًا، ولم يثبت ذلك في آية من كتاب الله ولا في حديث عن رسول الله ﷺ، وقد أعجز الله البشر والخلق كلهم ملائكة وإنسًا وجنًا عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن أو بسورة منه أو بآية، والتعجيز لا يزال قائمًا منذ ١٤٠٠ عام، وما زادت الأيام ومضي القرون هذا التعجيز إلا تأكيدًا ويقينًا وقطعًا، فطوال هذه القرون لم يستطع أحد أن يأتي بمثل هذا القرآن لا سورة ولا آية، وسيبقى ذلك -على كثرة الكفار والملاحدة- المعجزة الدائمة المستمرة إلى يوم القيامة. ولعل قائلًا أن يقول: كيف هذا الإعجاز؟ ومن أي شيء القرآن؟ أليس عربيًا والعربية يعلمها عشرات الملايين من العرب ومن غيرهم؟ فنقول: هو كذلك، ومع هذا أعجز كل هؤلاء فلم يستطيعوا أن يأتوا بشيء مثله أبدًا، ومن هنا كان الإعجاز، أي: عجزوا واعترفوا بعجزهم بأن كلام الله لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله أو بشبيهه أو بقريب منه. يقول الزمخشري وتحمس لقوله أكثر المفسرين في عصرنا علمًا وبيانًا ويقينًا وأكدوه بالأدلة التي لا ترد: إن هذا القرآن الكريم صنع الله، تكلم الله به، وأوحى به إلى عبده محمد ﷺ، وهو من حروف الهجاء العربية، وعليها كانت بنيته، وعليها قام قيامه، وعليها كان كتابًا جامعًا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومع ذلك إن استطعتم أن تؤلفوا من هذه الحروف سورة أو آية فافعلوا، وقد حاول بعض الكفرة كـ المتنبي الكذاب ومسيلمة الكذاب وغيرهما ذلك، فما أتوا إلا بالباطل من القول، والهراء والغث مما لا تكاد تقبله أذن.

19 / 4