209

Tafsir al-Baghawi - Revival of Heritage

تفسير البغوي - إحياء التراث

Editsa

عبد الرزاق المهدي

Mai Buga Littafi

دار إحياء التراث العربي

Bugun

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٢٠ هـ

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

بِمُدِّ النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ رَطْلٌ وَثُلُثٌ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ، هَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ، وَقَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْعِرَاقِ: عَلَيْهِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ لِكُلِّ يَوْمٍ يُفْطَرُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نِصْفُ صَاعٍ مِنَ قمح أَوْ صَاعٌ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: مَا كَانَ الْمُفْطِرُ يَتَقَوَّتُهُ يَوْمَهُ الَّذِي أَفْطَرَهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُعْطِي كُلَّ مِسْكِينٍ عَشَاءَهُ وَسَحُورَهُ، فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ، أَيْ: زَادَ عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ فَأَطْعَمَ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينَيْنِ فَأَكْثَرَ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ، وَقِيلَ: مَنْ زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَأَعْطَى صَاعًا وَعَلَيْهِ مُدٌّ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ، فمن ذَهَبَ إِلَى النَّسْخِ قَالَ مَعْنَاهُ: الصَّوْمُ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْفِدْيَةِ، وَقِيلَ: هَذَا فِي الشَّيْخِ الْكَبِيرِ لَوْ تَكَلَّفَ الصَّوْمَ، وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْدِيَ، إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا رُخْصَةَ لِمُؤْمِنٍ مُكَلَّفٍ فِي إِفْطَارِ رَمَضَانَ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ، أَحَدُهُمْ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَالثَّانِي: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَالثَّالِثُ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ دُونَ الْقَضَاءِ، أَمَّا الَّذِي عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ: فَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا فَإِنَّهُمَا تُفْطِرَانِ وتقضيان، وعليهما مع القضاء الكفارة [١] وهو قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ ﵀، وَقَالَ قَوْمٌ: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَأَمَّا الَّذِي عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ: فَالْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ، وَأَمَّا الَّذِي عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ دُونَ الْقَضَاءِ فَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرِيضُ الَّذِي لَا يُرْجَى زَوَالُ مَرَضِهِ، ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَيَّامَ الصيام فقال:
[سورة البقرة (٢): آية ١٨٥]
شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٨٥)
شَهْرُ رَمَضانَ، رَفْعُهُ عَلَى مَعْنَى: هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: كُتِبَ عَلَيْكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَسُمِّيَ الشَّهْرُ شَهْرًا لِشُهْرَتِهِ، وَأَمَّا رَمَضَانُ [فقد] [٢] قال مجاهد: هو مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، يُقَالُ: شَهْرُ رَمَضَانَ كَمَا يُقَالُ شَهْرُ اللَّهِ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ اسْمٌ لِلشَّهْرِ سُمِّيَ بِهِ مِنَ الرَّمْضَاءِ، وَهِيَ الحجارة المحماة، لأنهم [٣] كَانُوا يَصُومُونَهُ فِي الْحَرِّ الشَّدِيدِ، وكانت ترمض [٤] فيه الحجارة من الْحَرَارَةِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ، سُمِّيَ الْقُرْآنُ قُرْآنًا لِأَنَّهُ يَجْمَعُ السُّوَرَ وَالْآيَ وَالْحُرُوفَ، وَجُمِعَ فِيهِ الْقَصَصُ وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ، وَأَصْلُ الْقَرْءِ: الْجَمْعُ، وقد تحذف الهمزة فَيُقَالُ: قَرَيْتَ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ إِذَا جَمَعْتَهُ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ «الْقُرَانَ» بِفَتْحِ الرَّاءِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَقْرَأُ الشَّافِعِيُّ، وَيَقُولُ: لَيْسَ هُوَ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَلَكِنَّهُ اسْمٌ لِهَذَا الْكِتَابِ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، روي عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ ﷿: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ، وَقَوْلِهِ: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) [الْقَدْرِ: ١]، وَقَوْلِهِ: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ [الدُّخَانِ: ٣]، وَقَدْ نَزَلَ فِي سَائِرِ الشُّهُورِ، وَقَالَ ﷿: وَقُرْآنًا فَرَقْناهُ [الْإِسْرَاءِ: ١٠٦]؟ فَقَالَ: أُنْزِلُ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فِي لَيْلَةِ القدر من شهر رمضان

(١) في المطبوع «الفدية» .
(٢) ليس في المخطوط. [.....]
(٣) في المطبوع «وهم» .
(٤) في «القاموس»: رمض يومنا: اشتد حرّه- وأرمضه: أحرقه وأوجعه.

1 / 216