Tafsir Ahmed Hateeba

Ahmad Hatiba d. Unknown
65

Tafsir Ahmed Hateeba

تفسير أحمد حطيبة

Nau'ikan

الإعجاز العلمي في قوله تعالى: (أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) وعلماء الفلك لهم معنى آخر إضافة إلى ذلك، وهو ليس إلغاء لهذا المعنى؛ لأن المعنى الذي ذكروه هو معنى عُرف الآن، ولم يكن معروفًا من قبل ألف وأربعمائة سنة، فهم الآن حين يكتشفون شيئًا، فهذا دليل على أن هذا القرآن العظيم معجز، فهو في كل وقت يفهم على معنى صحيح موجود فيه، ولا يأتي معنى يلغي معنى آخر، فلا يكون المعنى الذي اكتشفه العلم الآن يلغي المعنى القديم، وإنما المعنى القديم على ما هو موجود، وهو معنى صحيح. فعلماء الفلك يقولون في قوله تعالى: ﴿أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الأنبياء:٤٤]، إن الأرض يحدث لها انكماش دوري، فعندما تنفجر البراكين في داخل الأرض تخرج الغازات من داخلها، وتخرج المواد الموجودة في داخل الأرض، فيصير مكان البركان فارغًا في الداخل فتنكمش الأرض على نفسها. وهذا كلام الدكتور زغلول النجار، وكلامه جميل جدًا في هذه الآيات الكونية، ففي كلامه أشياء عظيمة جدًا وجميلة، وتفسيرات جميلة. وإن كنا نقول: إنه ليس معنى كون هذا التفسير صحيحًا أنه يلغي التفسير الماضي؛ لأنه لا يمكن أن تكون الأمة منذ ألف وأربعمائة سنة ماضية تفسر هذه الآية على معنى خطأ لا يفهمونه من القرآن، ولكن هي معان صحيحة، وإنما يضاف معنى إلى معنى، ويظهر الله ﷿ ما يجد من أشياء. فيذكر لنا أن الأرض تنكمش على نفسها باستمرار، فنقصانها من أطرافها يكون في انكماشها. ويذكر أنهم اكتشفوا: أن هذه الأرض كان حجمها ألفي مرة قدر حجمها الآن. فهي تنكمش على نفسها شيئًا فشيئًا؛ بسبب البراكين والزلازل وما يخرج منها، فتنكمش الأرض على نفسها بذلك، فهذا معنى من المعاني التي يذكرها علماء الفلك في ذلك. ومن المعاني التي يذكرها علماء الفلك في الآية أنهم يقولون: عوامل التعرية تأكل من قمم الجبال، من الهواء وغيره، وتنزل فيه منخفضات وترفع فيه أخرى، ويقولون: إن وزن العمود الصخري وهذا كلام الدكتور زغلول أيضًا، من مركز الأرض إلى أي نقطة على سطح الأرض لابد أن يكون مستويًا في كتلته مع كل عمود على أطراف الأرض جميعها. فإذا جاءت عوامل التعرية وأخذت من فوق الجبال ونزلت على المنخفضات، فإنه يحصل نوع من عدم التساوي. يقول: ولو طغى الأمر على ذلك مع دوران الأرض حول نفسها، ودورانها حول الشمس فإن القوة الطاردة المركزية تطير الأشياء التي هي أثقل وزنًا حتى تعود الأرض إلى ما كانت عليه ويجعل الله ﷿ شيئًا آخر عوضًا عما ذهب بسبب عوامل التعرية، وهي البراكين التي تخرج من الأرض، فتعيد التوازن إلى سطح الأرض مرة ثانية، فهذا إنقاص للأرض من مرتفعات، وإعلاء لمنخفضات غيرها، فيتغير الأمر، وتتساوى كل الأعمدة الصخرية التي في الأرض. وهذا معنى من المعاني التي يذكرها علماء الفلك. ثم يقول الله ﷿: ﴿أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الأنبياء:٤٤]؟ يعني: إذا رأوا أننا نصنع ذلك بالجبال، ونصنع ذلك بالبراكين التي لا يقدرون أن يقاوموها، ونصنع ذلك بالأرض فنجعلها دولًا للناس مرة في يد فلان ومرة في غيره، أفهم يغلبوننا؟ وهم قد أشركوا بالله ﵎، ولا يملكون لأنفسهم شيئًا، وهو الذي يملك هذه القدرة العظيمة، أفهو الذي يغلب؟ قال تعالى: ﴿أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الأنبياء:٤٤]؟ و الجواب مستحيل أن يكونوا هم الغالبين، وقد رأينا كيف صنع ما صنع بهؤلاء المتكبرين.

6 / 12