23
{ وإن } جريان مع تحقق ارتيابهم إشارة إلى أنه بعيد جدا حتى إنه يشك فى وقوعه ، وذلك توبيخ ، أو لأن فيهم من لم يتحقق ارتيابه ، فغلب على غيره ممن تحقق ارتيابه ، ولما اختلفوا جعلوا كأنه لا قطع بارتيابهم { كنتم فى ريب } شك { مما نزلنا على عبدنا } محمد A من القرآن ، أهو من الله ، أو من عنده ، أو غيره من الناس ، ومقتضى الظاهر الغيبة فى ، وإن كنتم فى ريب مما نزل على عبده ، ولكن عدله إلى التكلم تفخيما للقرآن ورسوله A ، قالوا ما يقول محمد لا يشبه الوحى ، وإنا لفى شك منه ، فنزلت الآية { فأتوا بسورة من مثله } أى سورة هى مثل ما أنزلنا فى البلاغة ، وحسن التأليف ، والإخبار بالغيب مع الصدق ، أو ، فأتوا بسورة صدرت ، أو كانت من مثل عبدنا من فصحاء العرب وبلغائها ، ولو كان يقرأ الكتب والأخبار ويسمعها ، وكيف تأتون بها من أمى مثله ، لا يقرأ ولا يكتب ، ولا يسمع الأخبار ، ويدل للأول قوله { وادعوا } . . . إلخ ، وقوله تعالى فى سورة أخرى { بسورة مثله } وقوله تعالى { بعشر سور مثله } فإنه لا يصح فيها عود الضمير إليه A ، وأقل السور ما فيه ثلاث أيات كسورة الكوثر ، وسورة والعصر ، وسورة قريش ، إلا أن يعد { لإيلاف قريش } أية ، وكسورة الفتح إن عد { إذا جاء نصر الله والفتح } أية وهو المكتوب ، والواضح أنها آيتان ، آخر الأولى أفواجا ، وآخر الثانية توابا ، فأقل السور آيتان ، إلا أن جاء حديث فى أن آخر الأولى والفتح { وادعوا } نادرا واطلبوا { شهداءكم } جمع شهيد أو شاهد ، لتعينكم آلهتكم التى تشهد لكم على زعمكم ، أنكم عبدتموها وتقربكم إلى الله زلفى ، أو تنصركم ، أو تحضركم للنفع ، أو تكون إماما لكم ، فإن الشهادة تكون من تلك المعانى { من دون الله } غير الله ، أصل دون التفاوت والانحطاط فى الحس كقرب مكان ، وكقولك عمرو دون زيد فى للمقامة ، وتستعمل فى غير الحس ، نحو عمرو دون زيد شرفا ، ثم شاع استعماله فى كل تفاوت ، وكأنه أداة استثناء { إن كنتم صدقين } فى أن القرآن من غير الله .
Shafi 31