204
{ ومن الناس من يعجبك قوله فى الحيوة الدنيا } أى يعجبك ما ينطق به فى شأن أمور الدنيا من حرب ، وصلح ، وكسب ، وعفو ، أو لأجل الدنيا ، بأن يظهر الإيمان والحب ليتوصل إلى ما يحب من لذات الدنيا ، أو يعجبك فى الدنيا كلامه حلاوة وفصاحة ، وأما فى الآخرة فلا كلام له ألبتة تارة ، ولا يؤذن لهم ، فيعتذرون وإذا تكلموا تارة فكلام دهشة لا فصاحة ، ولا يعجبك فى الآخرة لأنه لا نفع له به ، والخطاب له A ، أو لمن يصلح له مطلقا ، ومثل ذلك قوله تعالى D { وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم } ويعجبك الخ . يحدث قوله فى قلبك عجبا ، والعجب حيرة تعرض بسبب الجهل بما تعجب منه وقد يستعمل العجب فى حيرة تعرض مع العلم بالسبب ، والعجب هنا عبارة عما يلزم من عظمة الإنسان فى قلب غيره ، وفى متعلق بيعجبك أو بقوله على ما رأيت ، من التفسير { ويشهد الله على ما فى قلبه } يستشهده أو يجعله شاهدا على أن قلبه مواطىء لقوله فى الإيمان وهو كاذب فى دعواه { وهو ألد الخصام } شديد الخصومة وهو صفة مشبهة فيما قيل ، وشهر ، واحتج له بورود مؤنثه على فعلاء كحمراء إن صح ، والراجح أنه اسم تفضيل باق أو خارج عنه ، لأن الصفة المشبهة التى على وزن أفعل تختص بالألوان والعيوب ونحوها ، ولا يصح أن يقال فى أعلم وأفضل إنهما صفتان مشبهتان ، وهو قول الخليل والزجاج ، وإضافة اسم التفضيل لفاعله معنى جائزة ، ويجوز تقدير ، وهو ألد ذوى الخصام ، أو خصامه ألد الخصام ، أو الضمير للخصام ، وهو ضعيف ، أو الخصام جمع خصام كصعب وصعاب ، أى أشد من كل من يخاصم ، وهو يخاصم المسلمين خصاما شديدا أعظم من يخاصمهم فى الخصام ، والشديد الخصام أو صاحبه ، فيقدر فى ، أى ألد الخصام ، والآية فى المنافقين كقوله تعالى : « وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم » وكانوا حسنى المنظر ، والكلام فى الإسلام والتحبب إلى أهله ، فذكر الله حسن كلامهم وحسن أجسادهم هنالك ، والإفراد للجنس ، ولفظ من ، والمشهور الأخنس بن شريق وكان منهم كذلك ، وزعم بعضهم أنه أسلم عام الفتح وحسن إسلامه ، ويعارضه قوله فحسبه جهنم ، واسمه أبى ، ولقب الأخنس ، لأنه خنس بقومه أى تأخر عنه A بثلاثمائة رجل بعد خروجهم لبدر ، وقال إن كان غالبا فهو ابن أختكم وأنتم أسعد به ، وإن غلب كفيتموه ، وكان يحلف بالله أنه مؤمن محب لرسول الله A ؛ قدم إلى رسول الله A فى المدينة وأظهر له الإسلام ، وأعجب النبى A ذلك منه ، وقال إنما جئت أريد الإسلام والله تعالى يعلم أنى لصادق ، فكان A يدينه إليه فى المجلس فكذبه الله وفضحه .
Shafi 238