Tafsir Sadr al-Muta'allihin
تفسير صدر المتألهين
Nau'ikan
[المائدة:119]. وقولهم: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه.
ولأنا إذا قلنا الفعل لا يخبر عنه، فهذا خطأ، إذ قد صار الفعل مخبرا عنه، ولأن المخبر عنه بأنه فعل، لا بد وأن يكون فعلا، فالفعل قد أخبر عنه بأنه فعل.
فإن قيل: المخبر عنه تلك الكلمة، وتلك الكلمة اسم، قلنا: إذا كان اسما كان الإخبار عنه بأنه فعل، كذبا.
والتحقيق: ان المخبر عنه بأنه فعل لا يخلو، إما أن يكون اسما، أو فعلا فإن كان اسما، فقد حكمت على الاسم بأنه فعل، فيكون كاذبا، وإن كان فعلا فقد وقع الإخبار عن الفعل، وهو المطلوب.
وهذا الوجه الأخير الذي قلته مما ذكره صاحب التفسير الكبير.
وأقول: هذه شبهة كشبهة المجهول المطلق، لا يجوز التمسك بها في هذا المقام ونظائره، لأنها منحلة العقدة بما حقق في الحكمة الميزانية، وهو أن الحمل - أي الحكم العقلي بالاتحاد بين شيئين بهو هو - على ضربين:
أحدهما: الحمل الشائع، كما في قولك: زيد حيوان، في الذاتيات وزيد كاتب، في العرضيات، ومفاده ومصداقه كون الموضوع من أفراد المحمول، سواء كان فرده بالذات أو بالعرض، وسواء كان الحكم على أفراد الموضوع كما في القضية المحصورة، أو على نفس مفهومه، كما في القضية الطبيعية.
وثانيهما: الحمل الذاتي الأولى، ومفاده: كون أحد المفهومين عنوانا للآخر سواء كان نفسه، كما في حمل المترادفين أحدهما على الآخر كقولك: الإنسان بشر، أو كان بينهما تفاوت بالإجمال والتفصيل، كما في قولك: الإنسان حيوان ناطق، إذا حكمت على نفس المفهوم في المثالين.
فإذا تقرر هذا فنقول: كل شيء فهو يصدق على نفسه بالحمل الأولي، لاستحالة سلب الشيء عن نفسه؛ وإن بعض الأشياء مما لا يصدق على نفسه بالحمل الشائع، بل نقيضه يصدق عليه بهذا الحمل، وبعضه يصدق على نفسه بكلا الحملين.
فالأول: كالجزئي، فإنه ليس بجزئي، لأن مقهومه كلي، وكاللامفهوم، فإنه مفهوم، والثاني: كالكلي والمفهوم ونظائرهما.
Shafi da ba'a sani ba