Tafsir Sadr al-Muta'allihin
تفسير صدر المتألهين
Nau'ikan
روى الأنباري: ان الكندي المتفلسف ركب الى المبرد وقال: إني أجد في كلام العرب حشوا؛ أجد العربي يقول: عبد الله قائم، ثم يقول: إن عبد الله قائم، ثم يقول؛ إن عبد الله لقائم، فقال المبرد: بل المعاني مختلفة لاختلاف الألفاظ.
ففي الأول: إخبار عن قيامه، وفي الثاني: جواب عن سؤال سائل، وفي الثالث: جواب عن إنكار منكر لقيامه.
وتعريف الموصول إما للعهد، إذا كان إشارة الى جماعة معينة كأبي جهل وأبي لهب والوليد بن مغيرة وأحبار اليهود، أو للجنس، إذا أريد به المتناول للمصممين على الكفر وغيرهم، فخص عنهم غير المصرين بما اسند إليه.
والكفر في اللغة: إخفاء حق النعمة. وهو منقول لغوي عن الكفر بالفتح، وهو الستر، ولهذا يقال للزارع: الكافر، وكذا الليل. ولكمام الثمرة: كافور.
وفي عرف الشريعة: إنكار ما علم بالضرورة من دين نبينا (صلى الله عليه وآله)، وذلك أن كل ما نقل عنه (صلى الله عليه وآله) انه ذهب اليه وقال به، فإما أن يعرف صحة ذلك النقل بالضرورة، أو بالاستدلال، أو بخبر الواحد.
أما القسم الأول - هو الذي علم بالضرورة مجيء الرسول (صلى الله عليه وآله) به - فمن صدقه في جميع ذلك فهو مؤمن، ومن لم يصدقه في كل ذلك، فإما بأن لا يصدقه في جميعها، أو بأن لا يصدقه في البعض دون البعض، فذلك هو الكافر، إذا الكفر عدم تصديق الرسول (صلى الله عليه وآله) في شيء مما علم بالضرورة مجيئه به.
ومثاله من أنكر وجود الصانع، أو كونه عالما قادرا مختارا، أو كونه واحدا منزها عن النقائص والآفات، أو أنكر صحة نبوة النبي (صلى الله عليه وآله)، أو صحة القرآن، أو الشرائع التي علم كونها من دين نبينا (صلى الله عليه وآله) كوجوب الصلاة والزكاة، وحرمة الزنا والخمر، فهو كافر لإنكاره ضروريا من هذا الدين.
فأما الذي يعرف بالدليل انه من الدين، مثل عينية الصفات له تعالى، أو زيادتها، وكونه تعالى جائز الرؤية أم لا، وكون كلام الله قديما أو محدثا، وكونه خالق أفعال العباد أم لا مما لم ينقل بالتواتر القاطع أحد طرفيه، فليس إنكاره ولا الإقرار به داخلا في ماهية الإيمان، ولا موجبا للكفر.
والدليل عليه؛ انه لو كان جزءا لماهية الإيمان، لوجب أن لا يحكم النبي (صلى الله عليه وآله) بايمان أحد إلا بعد أن يعرف انه هل يعرف الحق في تلك المسألة؛ ولو كان كذلك، لاشتهر قول النبي (صلى الله عليه وآله) في تلك المسألة بين جميع الأمة، ولكان منقولا بالتواتر، وليس الأمر كذلك، ونفي التالي يوجب نفي المقدم، فوجب أن لا تكون معرفتها من أجزاء الإيمان ولا إنكارها موجبا للكفر. وأما المنقول بخبر الواحد، فالأمر فيه أظهر.
فهذا تحقيق ماهية الكفر على قاعدة الإستدلالات الكلامية، وظهر منه انه يرجع الى الإنكار الباطني، أو عدم التصديق القلبي، فيكون من أعمال القلب كالإيمان، لكونهما متقابلان إما تقابل التضاد، أو تقابل العدم والملكة كالعلم والجهل، فعلى هذا لبس الغبار وشد الزنار ونحوهما إنما يسمى كفرا، لأنها تدل على تكذيب الرسول (صلى الله عليه وآله)، فإن من آمن بالله وصدق الرسول، لا يجترئ عليها ظاهرا لا أنها كفر في نفسها كما ان التزيي بشعار المسلمين دال على الإيمان، لا أنه إيمان.
Shafi da ba'a sani ba