Tafsir Sadr al-Muta'allihin
تفسير صدر المتألهين
Nau'ikan
ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا
[البقرة:269]. فكل إنسان حكيم مؤمن، وكل مؤمن حقيقي فهو حكيم. إذ الحكمة بالحقيقة هي معرفة الأشياء الموجودة كما هي بحسب الطاقة البشرية، وأصل الموجودات هو الباري وملائكته ورسله وكتبه.
وتارة بالفقه، قال تعالى:
ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم
[التوبة:122].
وليس المراد منه معرفة الفروع الغريبة في الفتاوى الأحكامية، والوقوف على دقائق عللها، واستكثار الكلام فيها، وحفظ الأقوال المتعلقة بها، كما هو عرف أهل هذه الأزمنة والأعصار اللاحقة بزمان النبي (صلى الله عليه وآله)، وزمان الأئمة (عليهم السلام).
قال صاحب الإحياء: اسم الفقه كان في العصر الأول مطلقا على علم طريق الآخرة، ودقائق آفات النفس، ومفسدات الأعمال، وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا، وشدة التطلع على السعادة الأخروية، واستيلاء الخوف على الشقاوة التي بازائها. والذي يوجب التشوق الى الدار الآخرة وسعادتها، ويقتضي الخوف والخشية في القلب عن الحرمان الأخروي والشقاوة الأبدية، ويوجب إنذار القوم وتخويفهم - كما أشير اليه في الآية المذكورة - هو هذا العلم وهذا الفقه، دون تفريعات الطلاق، واللعان، والسلم والإجارة.
فذلك لا يحصل به شيء من الرغبة والرهبة الأخرويتين، ولا الإنذار والتخويف، بل التجرد فيه على الدوام مما يقسي القلب، وينزع الخشية منه، كما يشاهد من المتجردين له.
وقال تعالى:
لهم قلوب لا يفقهون بها
Shafi da ba'a sani ba