{ من يطع الرسول فقد أطاع الله } لأنه لا يأمر إلا بما أمر الله به ولا ينهى إلا عن ما ينهي الله عنه { ومن تولى } عن الطاعة فأعرض { فما أرسلناك } إلا نذيرا لا حافظا ومهيمنا عليهم تحفظ عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها وتعاقبهم، كقوله:
وما أنت عليهم بوكيل
[الأنعام: 107] { ويقولون } إذا أمرتهم بشيء { طاعة فإذا برزوا من عندك } ، الآية، نزلت في المنافقين، ومعنى: { بيت طائفة } زورت طائفة وسوت { غير الذي تقول } خلاف ما قلت وما أمرت به { والله يكتب ما يبيتون } يبيته في أعمالهم ويجازيهم عليه أو يكتبه في جملة ما يوحي إليك فيطلعك على أسرارهم { فأعرض عنهم } ولا تحدث نفسك بالانتقام منهم { وتوكل على الله } في شأنهم { أفلا يتدبرون القرآن } يعني هلا تأملوا في تفسيره وتدبروا في تأويله وتفكروا في حججه ودلائله { لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } يعني لو كان من عند غير الله لكان الكثير منه مختلفا متناقضا، { وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف اذاعوا به } الآية نزلت في المنافقين روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يبعث بالسرايا فإذا غلبوا أو غلبوا بادر المنافقين بالاستخبار عن حال السرايا فيفشونه ويتحدثون به قبل أن يتحدث به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولو ردوا ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإلى أولي الأمر منهم وهم كبار الصحابة البصراء بالأمور والذين كانوا يؤمرون منهم { لعلمه } يعني لعلم تدبير ما أخبروا { الذين يستنبطونه } الذين يستخرجون تدبره بفطنهم وتحاربهم ومعرفتهم بأمور الحرب { ولولا فضل الله عليكم ورحمته } وهو إرسال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنزال الكتاب والتوفيق { لاتبعتم الشيطان } لبقيتم على الكفر { إلا قليلا } منكم { فقاتل في سبيل الله } إن أفردوك أو تركوك وحدك { لا تكلف إلا نفسك } وحدها أن تقدمها إلى الجهاد فإن الله ناصرك، وقيل: نزلت الآية في بدر الصغرى وذلك أن أبا سفيان كان وعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بدر فخرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وما معه إلا سبعون حتى أتى موسم بدر فكفاهم الله بأس العدو ولم يوافقهم أبو سفيان للميعاد ولم يكن فتالا ولو لم يتبعه أحد لخرج { عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا } وهم وفد كف بأسهم، وقيل: هو عام { والله اشد بأسا } من قريش { وأشد تنكيلا }.
[4.85-87]
{ من يشفع } الآية الشفاعة الحسنة هي التي روعي بها حق المسلم ودفع عنه بها شرا وجلب اليه خيرا إذا ابتغى بها وجه الله وفي الحديث:
" أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر "
والسيئة ما كان خلاف ذلك، وقيل: الشفاعة الحسنة هي الدعوة للمسلم لأنها في معنى الشفاعة والكفل النصيب أيضا، وعن الحسن: الحسنة المشي في المصالح والسيئة المشي بالنمائم، وقيل: الكفل المثل وعن مسروق أنه شفع شفاعة فاهدى إليه المشفوع له جارية، فغضب وردها وقال: لو علمت ما في قلبك لما تكلمت في حاجتك ولا أتكلم فيما بقي منها { وكان الله على كل شيء مقيتا } مقتدرا، وقيل: حافظا، وقيل: شاهدا { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها } الأحسن أن تقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، والآية تدل على أن السلام مشروعا ولا خلاف فيه والابتداء سنة والجواب واجب عند جمهور العلماء وهذا إذا كان الرد على مسلم فإن كان فاسقا أو كافرا لم يرد بالرحمة والبركة ورد بما كان فيه الدعاء.
فصل
ولا يرد السلام في الخطبة وقراءة القرآن وعند رواة الحديث وعند مذاكرة العلم والآذان والإقامة رواه جار الله: { بأحسن منها } يريد أهل الملة { أو ردوها } ، يريد أهل الذمة
" وروي أن رجلا قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): السلام عليك، قال: " وعليك السلام " ، قال آخر: السلام عليك ورحمة الله وبركاته قال: " وعليك السلام ورحمة الله وبركاته " وقال: عليك السلام ورحمة الله وبركاته، قال: " وعليك مثل ذلك " فقال الرجل: تقضيني يا رسول الله؟ وتلا الآية، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " لم تترك لي شيء "
Shafi da ba'a sani ba