{ ن } ، قيل: هو الحوت الذي عليه الأرضون، وقيل: هو حرف من حروف الرحمان، وقيل: النون: الدواة، وقيل: ن لوح من نور، وقيل: السورة، وقيل: قسم أقسم الله به { والقلم } الواو واو القسم قيل: أقسم بالقلم تنبيها على عظم شأنه لأنه أحد لساني الإنسان يؤدي عنه، وقيل: أول ما خلق الله القلم يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة، وقيل: هو قلم من نور طوله ما بين السماء والأرض، وقيل: أراد بالقلم الخط والكتابة من قوله: { علم بالقلم } ، وقيل: أقسم برب القلم ورب نون { وما يسطرون } قيل: ما سطر في اللوح، وقيل: ما سطره الحفظة من أعمال العباد، وقيل: ما يكتبوا بنو آدم وغيرهم { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } هذا جواب القسم، يعني لا يكون مجنونا من أنعمنا عليه بالنبوة والحكمة، ومتى قيل: كيف نسبوه إلى الجنون مع علمهم بكمال عقله؟ قلنا: إيهاما على العوام، وقيل: للنظر في حاله { وإن لك لأجرا غير ممنون } أي جزاء غير مقطوع وهو ثواب الجنة { وإنك } يا محمد { لعلى خلق عظيم } ، قيل: على دين عظيم وهو دين الاسلام، وسئلت عائشة عن خلق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت: كان خلقه القرآن
خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين
[الأعراف: 199] { فستبصر ويبصرون } وهذا وعيد، والمراد من رماه بالجنون { بأيكم المفتون } قيل: أيكم المجنون، وقيل: أولى بالشيطان { إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين } فيجازي كلا بما يستحقه { فلا تطع المكذبين } يعني الكفار، نزل قوله: { ودوا لو تدهن } الآية في مشركي قريش حين دعوا إلى دين الآباء، قيل: ودوا لو تكفر فيكفرون، وقيل: تلين في دينك فيلينون.
[68.10-32]
{ ولا تطع كل حلاف مهين } نزلت في الوليد بن المغيرة، وقيل: في الأخنس، ومعناه مهين كثير الحلف بالباطل، وقيل: الكذاب، وقيل: الحقير الضعيف { هماز } مغتاب { مشاء بنميم } يسعى بالنميمة يفسد بين الناس { مناع للخير } للإسلام يمنع عشيرته، وقيل: يمنع الواجبات { معتد } مجاوز للحد غشوم ظلوم { عتل } فاجر لئيم، وقيل: منافق، وقيل: الأكول الذي همته بطنه { بعد ذلك زنيم } ، قيل: الزنيم الذي لا أصل له عن علي (عليه السلام)، وقيل: قال للوليد زنمة في عنقه كزنمة الشاة، قال: زنيم ليس يعرف من أبوه الأم ذو حسب لائم { ان كان ذا مال وبنين } { إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين } كتب الأولين واخبارهم، وكان أن يجعل الأموال والأولاد داعية للشكر فجعلوا جزاءها الكفر، وقالوا: أساطير الأولين { سنسمه على الخرطوم } ، قيل: في الدنيا أي ينال ما يبقى أثره عليهم، وقيل: أنه ناله ذلك يوم بدر حطم بالسيف فبقيت سمة على خرطومه، وقيل: أراد يوم القيامة، وقيل: يسم الله وجه الكافر بعلامة { إنابلوناهم } يعني أهل مكة بالقحط والجوع بدعوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قال:
" اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف "
فقحطوا، وقيل: بلوناهم أي تعبدناهم بالشكر على نعمنا عليهم ونهيناهم عن الكفر فوضع الابتلاء موضع الأمر والنهي، وقيل: جميع الكفار أمرناهم بالتعبد { كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين } البستان قيل: كان على فرسخين من صنعاء وكان غرسه أهل الصلاة وكان صاحب البستان يصرف حقوق الفقراء اليهم وقت الصرام فمات، فورثه ثلاثة بنين فقالوا: المال قليل والعيال كثير فلا نستطيع أن ندفع إلى الفقراء شيئا، فتواعدوا يوما للصرام ولم يستثنوا فلما أتوها رأوها مسودة، وقيل: كانت لشيخ يطعم منها المساكين فلما مات قال بنوه: لا يدخلها اليوم عليكم مسكين شحا على الثمرة، وقوله: { إذ أقسموا } أي تحالفوا بينهم { ليصرمنها } أي يقطعون ثمرها { مصبحين } أي وقت الصباح، قبل علم الناس { ولا يستثنون } ولم يقولوا إن شاء الله، وقيل: لم يستثنوا نصيب الفقراء { فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون } { فأصبحت كالصريم } وقوله: { فتنادوا مصبحين } أي نادى وقت الصباح { أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين } أي قاطعين، والحرث اسم الزرع { فانطلقوا وهم يتخافتون } يتشاورون { أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين } فقير هذا الذي يتخافتون به { وغدوا على حرد قادرين } على حرد جهد من أمرهم، وقيل: على قوة وقدر قادرين عند أنفسهم { فلما رأوها } على تلك الصفة { قالوا إنا لضالون } عن الحق، وقيل: لضالون عن الطريق، وليس هذا بستاننا، وقيل: في منع حق الفقراء فقال بعضهم: { بل نحن محرومون } يعني هذه جنتنا ولكن حرمنا نفقاتها وخيرها لمنع المساكين حقهم { قال أوسطهم } قيل: أعدلهم، وقيل: أفضلهم وأصلحهم { ألم أقل لكم لولا تسبحون } معناه تستثنون لأن الاستثناء التوكل على الله، وقيل: هلا تسبحون الله { قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين } في عزمنا حرمان المساكين { فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون } على ما فرط منهم { قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين } أي مجاوزين للحد بمنع الفقراء { عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون } وقيل: لما أخلصوا أبدلهم الله بها جنة يقال لها الحيوان، فيها عنب يحمل البغل منها عنقودا.
[68.33-47]
{ كذلك العذاب } عذاب الدنيا ينزل الله على العصاة، وقيل: كما فعلنا بأولئك بكل ظالم كذلك العذاب { ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون } ذلك ثم ذكر الوعد للمؤمنين فقال: { إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم } يعني في الآخرة { أفنجعل المسلمين كالمجرمين } { ما لكم كيف تحكمون } يعني ما استوى هذا الحكم { أم لكم كتاب فيه تدرسون } أي كتاب تدرسون ذلك وقد قامت الحجة بذلك { إن لكم فيه لما تخيرون } { أم لكم أيمان } عهود ومواثيق { علينا بالغة } عاهدناكم فلا ينقطع ذلك العهد إلى يوم القيامة، وقيل: البالغة اليمين بالله { إن لكم لما تحكمون } في ذلك العهد يعني: يكون لكم حكمكم { سلهم } يا محمد { أيهم بذلك زعيم } قيل: كفيل، وقيل: قائم بالحجة، وقيل: من يكفل لهم أنه لا يعاقب العاصي، وقيل: أن الرؤساء قالوا نحن كفولكم { أم لهم شركاء } قيل: أرباب، وقيل: شهداء يشهدون لهم بالصدق { فليأتوا بشركائهم } يوم القيامة { إن كانوا صادقين } فيما يدعونه { يوم يكشف عن ساق } أي فليأتوا بشركائهم عن شدة من الأمر وذلك يوم القيامة، وقيل: هو آخر أيام الدنيا وأول أيام الآخرة لم يلق العبد يوما أشد منه، ومعنى أشد الأمر كما قال قد شمرت عن ساقها فشدوا، وجدت الحرب بكم فجدوا { ويدعون إلى السجود } قيل: هذا في الآخرة يؤمرون بالسجود فلا يمكنهم، وقيل: يحدث في أصلابهم صلاتهم تمنع من السجود { خاشعة أبصارهم } أي خائفة متوقعة للعذاب { ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود } في الدنيا { وهم سالمون } أصحاء، قيل: أراد إلى الصلاة المكتوبة، وقيل: الذين تخلفوا عن الجماعات { فذرني ومن يكذب بهذا الحديث } هذا وعيد، وقيل: جميع ما أداه اليهم { سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } قيل: نأخذهم من أي طريق سلك وأين دبوا ودرجوا، وقيل: سآخذهم إلى العقاب حالا بعد حال ودرجة بعد درجة { وأملي لهم إن كيدي متين } أي تدبيري فيهم وإرادتي قوي لا يفوتون، وقيل: كيدي عذابي فسماه كيدا لأنه جزاء كيدهم { أم تسألهم أجرا } هذا عطف على قوله أم لكم كتاب فيه تدرسون، يعني أم تسألهم يا محمد هؤلاء الكفار أجرا على تبليغ الرسالة وتطمع في أموالهم طمعا يلزمهم لزوم الدين المثقل { أم عندهم الغيب فهم يكتبون } ، قيل: أم يعلمون الغيب فيعلمون أنك غير محق فيما آتيتهم، وقيل: أراد اللوح المحفوظ لأن فيه ما كان وما يكون إلى يوم القيامة فهم يكتبون منه، وقيل: الغيب ما في القرآن من أخبار الغيب وهي أحد أعجازه، أي هل لكم كتاب مثل هذا القرآن حتى يكتبوا منه ما حكموا.
[68.48-52]
Shafi da ba'a sani ba