Tafsirin Acqam

Acqam d. 850 AH
157

Tafsirin Acqam

تفسير الأعقم

Nau'ikan

{ ادع إلى سبيل ربك } إلى الاسلام { بالحكمة } المقالة المحكمة الصحيحة وهي الدليل الواضح إلى الحق المزيل للشبهة { والموعظة الحسنة } وهي التي لا تخفى عليهم إنك تناصحهم، وقيل: أراد القرآن أي ادعهم بالكتاب الذي هو حكمة وموعظة حسنة { وجادلهم بالتي هي أحسن } بالطريق التي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين من غير فظاظة ولا تعنيف { إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين } فلا يخفى عليه شيء { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } روي أن المشركين مثلوا بالمسلمين يوم أحد، فروا بطونهم وقطعوا مذاكيرهم ما تركوا أحدا غير مثلوا به إلا حنظلة بن الراهب، فوقف رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على حمزة وقد مثلوا به فقال:

" أما والذي أحلف به لئن أظفرني الله بهم لأمثلن بسبعين مكانك "

فنزلت الآية فكفر عن يمينه وكف عما أراده، ولا خلاف في تحريم المثلة وقد وردت الأخبار بالنهي عنها حتى الكلب العقور { واصبر } أنت يا محمد { وما صبرك إلا بالله } أي توفيقه وتثبته وربطه على قلبه { ولا تحزن عليهم } أي على الكافرين كقوله: { فلا تأس على القوم الكافرين } { ولا تك في ضيق مما يمكرون } وقرئ بكسر الضاد أي لا يضيق صدرك من مكرهم { إن الله مع الذين اتقوا } أي ولي الذين اجتنبوا المعاصي { و } ولي { الذين هم محسنون } في أعمالهم.

[17 - سورة الإسراء]

[17.1]

قال الله سبحانه: { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد } الآية، أسري به بعض الليل من مكة الى الشام مسيرة أربعين ليلة، واختلفوا في المكان الذي به أسري، فقيل: هو المسجد الحرام بعينه وهو الظاهر، وقيل: أسري به من دار أم هاني بنت أبي طالب، والمراد بالمسجد الحرام الحرم لاحاطته بالمسجد وعن ابن عباس: الحرم كله مسجد، وروي أنه أسري به بعد العشاء، وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:

" أتاني جبريل وانا بمكة، وقال: قم يا محمد، فقمت معه، وإذا بالبراق فوق الحمار ودون البغل، خده كخد الانسان، وذنبه كذنب البعير، وعرفه كعرف الفرس، وله جناحان، خطوه منتهى طرفه فقال: اركب، فركبت، ومضيت حتى انتهيت إلى بيت المقدس، وإذا ملائكة نزلت من السماء بالبشارة، وصليت في بيت المقدس، ثم صعد بي إلى السماء فرأيت عجائبا، ثم صعد بي جبريل إلى السماء الثانية فرأيت فيها عيسى ابن مريم، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فرأيت فيها يوسف، ثم صعد بي إلى الرابعة، ثم صعد بي إلى السابعة، فنظرت فيها خلقا وملائكة، ورأيت الجنة والنار وما فيها، ورأيت العرش، ورأيت سدرة المنتهى، ثم رجعت إلى مكة، فلما أصبحت حدثت الناس فكذبني، أبو جهل والمشركون، فقال: فأخبرنا عن عيرنا، فقال: مررت بها في التنعيم يقدمها جمل أورق، وتطلع عليكم عند طلوع الشمس "

وروي أنه ارتد جماعة ممن كان قد أسلم وسألوه عن صفة المسجد فوصفه لهم والتبس شيء فيه فرفع له حتى حكاه، وجلسوا ينتظرون مطلع الشمس فيكذبوه، فقال قائل: والله ان الشمس قد طلعت، وقال آخر: والله ان الإبل قد طلعت يقدمها بعير أورق لونه مثل لون الرمان، وجاءتهم وقت طلوع الشمس فلم يؤمنوا إلا أن قالوا: هذا سحر مبين، واختلفوا هل كان رؤيا أو في اليقظة، وكان ذلك قبل الهجرة بسنة، قالوا: والوجه إنه لم يكن رؤيا إلا أنه أسري به وهو في اليقظة، السري والأسرى: الذهاب في الليل، تعليلا للوقوف، وقيل: ليلا دل على وسط الليل ذكره في الغرائب والعجائب أعني وسط الليل، وقوله: { الذي باركنا حوله } قيل: الثمار، وقيل: سمي مباركا لأنه مقر الأنبياء، وفيه مهبط الملائكة وفيه يحشر الناس يوم القيامة { لنريه من آياتنا } من عجائب حجتنا التي فيه { إنه هو السميع } لأقوال من صدقك أو كذبك { البصير } بصير بما في الضمائر.

[17.2-8]

{ وآتينا موسى الكتاب } يعني التوراة { ألا تتخذوا من دوني وكيلا } ، قيل: شريكا، وقيل: ربا { ذرية من حملنا مع نوح } أولاد من حملنا مع نوح وأنجيناهم من الطوفان في السفينة { إنه كان عبدا شكورا } وهو نوح (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان إذا لبس ثوبا أو أكل طعاما أو شرب ماء حمد الله وشكره، وقيل: كان قائما بطاعة الله { وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب } أي أخبرناهم في التوراة، وقيل: على لسان بعض الأنبياء، وقيل: فيما كتب في اللوح المحفوظ { لتفسدن في الأرض مرتين } ، قيل: بقتل الأنبياء وسفك الدماء وكثرة الفساد، وقيل: في الأول قتل زكريا، وفي الثاني قتل يحيى { ولتعلن علوا كبيرا } أي لتستكبرون ولتظلمون الناس ظلما كثيرا، وروي أنهم كانوا مؤمنين فأخبرهم أنهم يتغيرون { فإذا جاء وعد أولاهما } أولى المرتين التي يفسدون فيهما { بعثنا عليكم } ، قيل: أمرنا قوما مؤمنين يغزونكم، وقيل: خلينا بينكم وبينهم، والظاهر أنهم قوم مؤمنين أمروا بجهادهم لقوله: { بعثنا } ، وقوله: { عبادا لنا } ، وقيل: بخث نصر، وعن ابن عباس: جالوت قتلوا علماءهم وأحرقوا التوراة وأخربوا المسجد وسبوا منهم سبعون ألفا، فإن قيل: كيف جاز أن يبعث الله الكفرة ويسلطهم؟ قالوا: معناه خلينا بينهم وبين ما فعلوا { فجاسوا } والجوس: التخلل في الديار، وقيل: جاسوا وطئوا يقال: تركت فلانا يجوس بني فلان ويجوسهم ويدوسهم أي يطأهم، قال أبو عبيدة: كل موضع خالطته ووطئته فقد جسته و { خلال الديار } وسطها { وكان وعدا مفعولا } ، قيل: قضاء كائنا لا خلف فيه { ثم رددنا لكم } يا بني اسرائيل { الكرة } الرجعة { عليهم } لأنهم تابوا وندموا على ما سلف منهم من المعاصي وقتل الأنبياء فقبل الله توبتهم ونصرهم على أعدائهم { وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا } أكثر عددا وأكثر رجالا { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم } يعني أحسنتم التوحيد والعمل الصالح، أحسنتم لأنفسكم لها ثوابها واليها يعود نفعها { وإن أسأتم } العمل { فلها } قيل: الخطاب لبني اسرائيل، وقيل: الخطاب لأمة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) اعتراضا بين القصة { فإذا جاء وعد الآخرة } أي المرة الأخرى من إفسادكم بالقتل والظلم، وقيل: بقصدهم بقتل عيسى، وقيل: يحيى (عليه السلام)، واختلفوا فيمن جاءهم في هذه الواقعة قيل: الفرس والروم قتلوهم وسبوهم وأخذوهم بعد أن كانوا الملوك على الناس، وقيل: الذي غزا بني اسرائيل في المرة الأخرى ملوك فارس والروم وذلك لما قتلوا يحيى أتاهم ملوك الروم فقتل منهم مائة ألف وثمانين ألفا وخرب بيت المقدس، وقيل: جاءهم بخت نصر، وقيل: لم يزل دم يحيى بن زكريا حتى قتل منهم بخت نصر سبعين ألفا واثنين وسبعين ألفا ثم سكن الدم { ليسوءوا وجوهكم } إنما ذكر الوجه لأن معه يظهر السرور والحزن { وليدخلوا المسجد } بيت المقدس ونواحيه { كما دخلوه أول مرة } وإنما أضاف الدخول أول مرة إلى هؤلاء وإن كان بين الدخولين مدة عظيمة لأنهم كانوا في ذلك الوقت راضين بفعلهم، وقيل: يحتمل أن يكون القوم في الكرتين واحد والمدة بينهما قريبة فلا مانع { وليتبروا ما علوا } أي ليهلكوا وليدمروا ما علوا عليه من بلادهم { عسى ربكم } عسى من الله واجب { أن يرحمكم } يا بني اسرائيل { وإن عدتم } إلى المعصية { عدنا } إلى العقوبة، فعادوا فبعث الله عليهم محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون، وقيل: إن عدتم إلى التوبة عدنا إلى المغفرة { وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا } مجلسا، وقيل: مهادا، وعن الحسن: بساطا ينبسط كالحصير.

Shafi da ba'a sani ba