{ ما ننسخ من آية أو ننسها } روي ان المشركين قالوا: ألا ترون الى محمد يأمر اصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأتي بخلافه من تلقاء نفسه، فنزلت الآية، ونسخ الآية ازالتها بانزال اخرى مكانها، وهو أن يأمر جبريل أن يجعلها منسوخة بالاعلام. { بخير منها } للعباد أي بآية العمل بها اكثر للثواب { أو مثلها } في ذلك، واجماع المسلمين على ان في القرآن ناسخا ومنسوخا ، والكلام فيه يطول. والمعهود انه يأتي على ثلاثة أوجه: احدها: ما نسخ حكمه وبقي لفظه وهو كثير في القرآن، وقد قيل ان آية السيف وهي قوله تعالى:
اقتلوا المشركين
[التوبة: 5] الى آخرها، نسخت كذا آية قيل: مائة وأربعة وعشرين آية. الثاني: ما نسخ لفظه وبقي حكمه، وذلك ما روي عن عمر أنه قال: الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة نكالا من الله والله تعالى عزيز حكيم. روي ايضا: انه كان في القرآن لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثا، ولا على خوف ابن آدم الا التراب ويتوب الله على من تاب. والثالث: ما نسخ لفظه وحكمه والله اعلم. والنسخ برفعك لشيء قد كان يلزم العمل به من قول العرب: نسخت الشمس الظل، أي أزالته وقرأ ابن كثير وابو عمرو أو ننساؤها بالفتح والهمزة، ومعنى ننسها نذهبها من قلبك من النسيان، ومن همزها فمعناه نؤخرها ولا ننسخها، وقيل: ما ننسخ من آية من اللوح المحفوظ للانزال عليك، أو نؤخر انزالها، { نأت بخير منها } ذكره في الغرائب. { له ملك السموات والارض } فهو يملك امرهم. { أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى } الآية: نزلت في عبد الله بن أمية المخزومي، وفي رهط من قريش قالوا: يا محمد اجعل لنا الصفا ذهبا، ووسع لنا ارض مكة، وفجر الانهار تفجيرا نؤمن لك، فنزلت الآية { كما سئل موسى } سأله قومه فقالوا:
أرنا الله جهرة
[النساء: 153] وقيل: انهم يا محمد آتينا بكتاب من السماء جملة واحدة، كما نزلت التوراة نؤمن بك. { ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم } الآية: نزلت في حيي بن أخطب واخيه ياسر دخلا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قدم المدينة، فلما خرجا من عنده قال حيي لأخيه أهو نبي؟ قال: هو نبي، قال: فما له عندك؟ قال: العداوة الى الموت، وهو الذي أثار الحرب يوم الأحزاب عن ابن عباس، وقيل
" في قوم من اليهود قالوا لعمار وحذيفة بعد يوم أحد: لو كان دين محمد حقا ما اصابه هذا فارجعا الى ديننا، فقال عمار: رضيت بالله ربا وبمحمد نبيا، وبالإسلام دينا، وبالقرآن اماما، وبالكعبة قبلة، وبالمؤمنين اخوانا، وقيل: هو حذيفة الذي قال ذلك، ثم آتيا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخبراه بذلك، فقال: أصبتما الخير "
، فنزلت الآية. { حتى يأتي الله بأمره } الذي هو قتل بني قريظة، واجلاء بني النضير واذلالهم بضرب الجزية عليهم.
[2.111-116]
{ وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا او نصارى } لأن اليهود قالوا: لن يدخل الجنة الا من كان على دين اليهودية، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة الا من كان على دين النصرانية { تلك أمانيهم } قيل: أباطيلهم، وقيل: شهواتهم التي اشتهوها وتمنوها على الله تعالى { قل هاتوا برهانكم } اي حجتكم على ذلك، ثم قال ردا عليهم وتكذيبا لهم: { بلى } اي ليس الامر كما قالوا: { من أسلم وجهه لله } قيل: نفسه بأن سلك طريق مرضاته، وقيل: وجهه لطاعته، وقيل: اخلص امره الى الله وهو محسن في عمله فله اجره الذي يستوجبه. { وقالت اليهود ليست النصارى على شيء } الآية وقوله: { وهم يتلون الكتاب } الواو للحال، والكتاب للجنس، أي قالوا ذلك وحالهم انهم من اهل العلم والتلاوة للكتب، وحق من حمل التوراة أو غيرها من كتب الله تعالى ان لا يكفر بالثاني لان كل واحد من الكتابين مصدق للثاني وشاهد بصحته، وكذلك كتب الله تعالى جميعا متواردة في تصديق بعضها بعضا. { كذلك قال الذين } أي مثل ذلك الذي سمعت به عن ذلك المنهاج قال الجهلة الذين { لا يعلمون } ولا كتاب لهم كعبدة الأوثان، روي ان وفد نجران لما قدموا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أتاهم أحبار اليهود فناظروا حتى ارتفعت أصواتهم فقالت اليهود: ما انتم على شيء من الدين وكفروا بعيسى والانجيل، وقالت النصارى لهم نحوه: وكفروا بموسى والتوراة. { فالله يحكم بينهم } اي بين اليهود والنصارى { يوم القيامة } بالقسم لكل فريق منهم من العذاب الذي يستحقه، وعن الحسن: حكم الله بينهم ان يكذبهم ويدخلهم النار. { ومن أظلم ممن منع مساجد الله } الآية نزلت في بخت نصر وأصحابه غزوا اليهود، وخربوا بيت المقدس، وأعانهم على ذلك النصارى، وقيل: هم قريش منعوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واصحابه البيت، واخرجوهم من مكة. { وسعى في خرابها } بانقطاع الذكر وتخريب البنيان وينبغي ان يراد ممن منع العموم كما أراد بمساجد الله، ولا يراد بأعيانهم من اولئك النصارى او المشركين. { أولئك } المانعون { ما كان لهم أن يدخلوها } اي ما كان ينبغي لهم ان يدخلوا مساجد الله { إلا خائفين } والمعنى ما كان الحق والواجب الا ذلك لولا ظلم الكفرة وغيرهم، وقيل: ما كان لهم في حكم الله تعالى يعني ان الله تعالى قد حكم وكتب في اللوح انه ينصر المؤمنين، ويقويهم حتى لا يدخلوها الا خائفين، وروي ان بيت المقدس لا يدخله أحد من النصارى الا متنكرا مسارقة، وقال قتادة: لا يوجد نصراني في بيت المقدس الا أبلغ اليه في العقوبة ضربا، وقيل: نادى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" ألا لا يحجن بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان "
Shafi da ba'a sani ba