{ و } بعدما ألقى عصاه { نزع يده } أي: أخرجها من جيبه؛ ليثبت مدعاه بشاهدين { فإذا هي بيضآء } محيرة مفرقة للأبصار من غاية شعاعها ولمعانها { للناظرين } [الشعراء: 33] إليها، مدهشة لقلوبهم إلى حيث تاهوا وتحيروا من تشعشعها.
فلما رأها فرعون { قال } بعدما أوجس في نفسه خيفة { للملإ } الذين يجلسون { حوله } مستغربا من أمره، مستعجبا: { إن هذا } المدعي { لساحر عليم } [الشعراء: 34] ماهر في علم السحر، بالغ نهايته.
{ يريد أن يخرجكم من أرضكم } المألوفة { بسحره } هذا وكمال فيه { فماذا تأمرون } [الشعراء: 35] في أمره أيها الأشراف.
انظر أيها المتأمل الناظر إلى كمال قدرة الله وسطوع حججه الغالبة البالغة، كيف تأثر منها فرعون المتكبر المتجبر الطاغي، مع كمال عتوه واستعلائه، إلى حيث اضطر إلى المشورة مع الناس في أمر موسى ودفعه، مع أنه ادعى الألوهية لنفسه.
وبعدما سمع الأشراف قوله { قالوا } له: مقتضى شأنك وجلالك ألا تتسارع إلى قتلهما؛ لئلا تنسب إلى العجز الإلزام منهما ومن حجتهما، بل { أرجه } واحبس موسى { وأخاه } هارون، وأخر قتلهما زمانا { وابعث في المدآئن } شرطة { حاشرين } [الشعراء: 36] جامعين.
حتى { يأتوك بكل سحار } مبالغ في السحر { عليم } [الشعراء: 37] فائق منه، بالغ نهايته.
فبعث شرطة إلى الأقطار بعدما وكلل عليهما وكلاء يحبسونهما { فجمع السحرة } المهرة في هذا الفن { لميقات يوم معلوم } [الشعراء: 38] أي: لوقت عين لجمعهم في يوم الزينة، وهو وقتي الضحى.
{ وقيل للناس } أي: نودي عليهم في الطرق والسلك: { هل أنتم مجتمعون } [الشعراء: 39] لموعد يوم معلوم؛ حتى تشاهدوا حال موسى وهارون وغلبة السحرة عليهما، وإبطال ما أتيا به من السحر.
{ لعلنا } بأجمعنا { نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين } [الشعراء: 40] إياهما.
[26.41-51]
Shafi da ba'a sani ba