452

فإن أذنتم بالدخول، فدخلوه وإلا فارجعوا { ذلكم } أي: الاستئذان والاستئناس { خير لكم } من المبادرة إلى الدخول بغتة، وإنما أنزل عليكم هذه الكريمة المتعلقة بالأخلاق { لعلكم تذكرون } [النور: 27] وتتعظون بها، وتحفظون حدود المصاحبة والمؤاخاة بينكم، ولا تجاوزون عن مقتضى المروءة والعدالة.

[24.28-30]

{ فإن لم تجدوا فيهآ } أي: في البيوت { أحدا } تستأذنون منه { فلا تدخلوها } لئلا تتهموا بأنواع التهمة بل اصبروا { حتى يؤذن لكم } أي: لا تدخلوا حتى تجدوا من يأذن لكم { و } بعدما وجدتم { إن قيل لكم ارجعوا } فالوقت لا يسع بالدخول { فارجعوا } على الفور بلا تفحص، وتفتيش عن أسبابه على وجه الإلحاح والاقتراح حخغ يفعله جهلة الناس.

{ هو } أي: الرجوع بلا تفتيش { أزكى لكم } وأظهر لنفوسكم من الإلحاح { والله } المدبر لمصالحكم { بما تعملون } وتأملون في نفوسكم { عليم } [النور: 28] يجازيكم على مقتضى علمه وخبرته.

{ ليس عليكم جناح } أي: ضيق ومنع { أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة } مع أن { فيها متاع لكم } تستأجرونها أو تستعيرونها للادخار والاستخزان، { و } بالجملة: { الله } المطلع لضمائر عباده { يعلم } منكم { ما تبدون } وتظهرون { وما تكتمون } [النور: 29] وتخفون، يجازيكم على مقتضى علمه.

ثم أمر سبحانه لحيبيه بتذكير عباده، وتهذيب أخلاقهم سيما في حفظ المحارم والحدود فقال: { قل } يا أكمل الرسل { للمؤمنين } المصدقين بحدود الله، الممتثلين بأوامره { يغضوا } وينقصوا { من أبصارهم } مطلقا دائما حتى لا يقع نظرهم بغتة إلى المحرمات، بل لهم أن يديموا النظر إلى الطريق الذي مشوا عليها، حتى يسلموا من شرور أمارتهم وصولة جنود الشهوات عليهم.

{ و } قل لهم أيضا: { يحفظوا فروجهم } عن أمارات الزنا، وعلامات السفاح ومقدماته، ويتقوا عن مواضع التهم ومظان الرمي والقذف مطلقا { ذلك } الغض والحفظ { أزكى لهم } وأطهر لنفوسهم { إن الله } الرقيب على جميع حالاتهم { خبير بما يصنعون } [النور: 30] من التفكر والترامز، وإجالة النظر، وتحريك سائر الأعضاء نحو ما يشتهون من المحرمات.

[24.31]

{ وقل } أيضا يا أكمل الرسل { للمؤمنات } المقيمات لحدود الله، المتحفظات لمحارمه: { يغضضن } وينقصن { من أبصارهن } ويقصرن نظرهن إلى أزواجهن، { ويحفظن فروجهن } من الميل إلى المحارم، ولهن ألا يعرضن نفوسهن إلى غاير أزوجهن، { ولا يبدين } ويظهرن { زينتهن } لغيرهن { إلا ما ظهر منها } ما ظهر من الثياب التي يلبسونهن، { و } من غاية تسترهم وتحفظهم { ليضربن } ويسترن { بخمرهن } ومقانعهن { على جيوبهن } أي: نحورهن وصدورهن مبالغة في التستر والتحفظ.

{ و } الجملة: { لا يبدين زينتهن } أي: التي يتزين بها لازدياد الحسن { إلا لبعولتهن } أي: لأزاجهن الزينة إنما هي لأجلهم { أو آبآئهن } إذ هم الأولياء لهن { أو آبآء بعولتهن } لحفظهم محارم أبنائهم { أو أبنآئهن } لأنهم أمناء على أمهاتهم { أو أبنآء بعولتهن } لأنهم حافظون حمية آبائهم ومحارمهم { أو إخوانهن } لأنهم أحفظ عليهن منهن؛ لخوف لحوق العار حمية وغيرة { أو بني إخوانهن } إذ هم كآبائهم في محافظتهن { أو بني أخواتهن } لأن نسبتهم إليهن كنسبتهم إلى آمهاتهم { أو نسآئهن } أي: المسلمات مطلقا؛ إذ لا يتصور منهم الضرر سوى السحاقة، والضرر والإيمان يمنع عنهما { أو ما ملكت أيمانهن } إذ الاحتراز عنه حرج؛ لأنهم من أهل الخدمة { أو التابعين غير أولي الإربة } أي: الحاجة والشهوة { من الرجال } الهرم الذين لا يبقى منهم الشهوة { أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النسآء } لعدم بلوغهم وقت الحلم وثوران الشهرة.

Shafi da ba'a sani ba