94

Tafsirin Baghawi

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Bincike

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Mai Buga Littafi

دار طيبة للنشر والتوزيع

Lambar Fassara

الرابعة

Shekarar Bugawa

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

الْمَالِحِ دُونَ الْعَذْبِ وَقِيلَ: كَانُوا يَأْكُلُونَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فَكَانَا كَطَعَامٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: كَانُوا يَعْجِنُونَ الْمَنَّ بِالسَّلْوَى فَيَصِيرَانِ وَاحِدًا ﴿فَادْعُ لَنَا﴾ فَاسْأَلْ لِأَجْلِنَا ﴿رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَالْفُومُ الْخُبْزُ: وَقَالَ عَطَاءٌ، الْحِنْطَةُ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الْحُبُوبُ الَّتِي تُؤْكَلُ كُلُّهَا وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: ﴿وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ﴾ لَهُمْ مُوسَى ﵇ ﴿أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى﴾ أَخَسُّ وَأَرْدَى ﴿بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ﴾ أَشْرَفُ وَأَفْضَلُ وَجَعَلَ الْحِنْطَةَ أَدْنَى فِي الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ هِيَ خَيْرًا مِنَ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى، أَوْ أَرَادَ أَنَّهَا أَسْهَلُ وُجُودًا عَلَى الْعَادَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَيْرُ رَاجِعًا إِلَى اخْتِيَارِ اللَّهِ لَهُمْ وَاخْتِيَارِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ ﴿اهْبِطُوا مِصْرًا﴾ يَعْنِي: فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا ذَلِكَ فَانْزِلُوا مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ مِصْرُ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَهُ لَمْ يَصْرِفْهُ ﴿فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ﴾ نَبَاتُ الْأَرْضِ ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ﴾ جُعِلَتْ عَلَيْهِمْ وَأُلْزِمُوا ﴿الذِّلَّةُ﴾ الذُّلُّ وَالْهَوَانُ قِيلَ: بِالْجِزْيَةِ، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ: هُوَ الْكُسْتِيجُ وَالزُّنَّارُ وَزِيُّ الْيَهُودِيَّةِ ﴿وَالْمَسْكَنَةُ﴾ الْفَقْرُ، سُمِّيَ الْفَقِيرُ مِسْكِينًا لِأَنَّ الْفَقْرَ أَسْكَنَهُ وَأَقْعَدَهُ عَنِ الْحَرَكَةِ، فَتَرَى الْيَهُودَ وَإِنْ كَانُوا مَيَاسِيرَ كَأَنَّهُمْ فُقَرَاءُ، وَقِيلَ: الذِّلَّةُ هِيَ فَقْرُ الْقَلْبِ فَلَا تَرَى فِي أَهْلِ الْمِلَلِ أَذَلَّ وَأَحْرَصَ عَلَى الْمَالِ مِنَ الْيَهُودِ. ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ رَجَعُوا وَلَا يُقَالُ: "بَاءُوا إِلَّا بِشَرٍّ" وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: احْتَمَلُوا وَأَقَرُّوا بِهِ، وَمِنْهُ الدُّعَاءُ: أَبُوءُ ﴿لَكَ﴾ (١) بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي، أَيْ: أُقِرُّ ﴿ذَلِكَ﴾ أَيِ الْغَضَبُ ﴿بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ بِصِفَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَآيَةِ الرَّجْمِ فِي التَّوْرَاةِ وَيَكْفُرُونَ بِالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ ﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ﴾ تَفَرَّدَ نَافِعٌ بِهَمْزِ النَّبِيِّ وَبَابِهِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ الْمُخْبِرُ مِنْ أَنْبَأَ يُنْبِئُ، وَالْقِرَاءَةُ الْمَعْرُوفَةُ تَرْكُ الْهَمْزَةِ، وَلَهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا هُوَ أَيْضًا مِنَ الْإِنْبَاءِ، تُرِكَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ تَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَالثَّانِي هُوَ بِمَعْنَى الرَّفِيعِ مَأْخُوذٌ مِنَ النُّبُوَّةِ وَهِيَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ النَّبِيِّينَ عَلَى الْأَصْلِ ﴿بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ أَيْ بِلَا جُرْمٍ فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ قَالَ: بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَتْلُ النَّبِيِّينَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِغَيْرِ الْحَقِّ؟ قِيلَ ذَكَرَهُ وَصْفًا لِلْقَتْلِ، وَالْقَتْلُ تَارَةً يُوصَفُ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: "قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ" (١١٢-الْأَنْبِيَاءِ) ذِكْرُ الْحَقِّ وَصْفًا لِلْحُكْمِ لَا أَنَّ حُكْمَهُ يَنْقَسِمُ إِلَى الْجَوْرِ وَالْحَقِّ، وَيُرْوَى أَنَّ الْيَهُودَ قَتَلَتْ سَبْعِينَ نَبِيًّا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَقَامَتْ سُوقٌ بِقَتْلِهِمْ فِي آخِرِ النَّهَارِ ﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ يَتَجَاوَزُونَ أَمْرِي وَيَرْتَكِبُونَ مَحَارِمِي.

(١) ليست في الأصل.

1 / 101