257

Tafsirin Baghawi

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Editsa

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Mai Buga Littafi

دار طيبة للنشر والتوزيع

Lambar Fassara

الرابعة

Shekarar Bugawa

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

الْعِلْمِ فِي الْقُرُوءِ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهَا الْحَيْضُ وَهُوَ قَوْلُ عُمْرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وأصحاب الرأي ٣٧/أوَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ "دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ" (١) وَإِنَّمَا تَدَعُ الْمَرْأَةُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهَا الْأَطْهَارُ وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ وَالزُّهْرِيِّ وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ ﵁ لَمَّا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعُمَرَ: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ" (٢) .
فَأَخْبَرَ أَنَّ زَمَانَ الْعِدَّةِ هُوَ الطُّهْرُ، وَمِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ قَوْلُ الشَّاعِرِ: فَفِي كُلِّ عَامٍ أَنْتَ جَاشِمُ غَزْوَةٍ ... تَشُدُّ لِأَقْصَاهَا عَزِيمَ عَزَائِكَا
مُوَرِّثَةٍ مَالًا وَفِي الْحَيِّ رِفْعَةً ... لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا
وَأَرَادَ بِهِ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الْغَزْوِ وَلَمْ يَغْشَ نِسَاءَهُ فَتَضِيعُ أَقْرَاؤُهُنَّ وَإِنَّمَا تُضَيَّعُ بِالسَّفَرِ زَمَانَ الطُّهْرِ لَا زَمَانَ الْحَيْضَةِ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ إِذَا شَرَعَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا أَطْهَارًا وَتَحْسِبُ بَقِيَّةَ الطُّهْرِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ قَرْءًا، قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: إِذَا طَعَنَتِ الْمُطَلَّقَةُ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا. وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْحَيْضُ يَقُولُ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا مَا لَمْ تَطْهُرْ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ مِنْ حَيْثُ أَنَّ اسْمَ الْقُرْءِ يَقَعُ عَلَى الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ جَمِيعًا، يُقَالُ أَقْرَأَتِ الْمَرْأَةُ: إِذَا حَاضَتْ وَأَقْرَأَتْ: إِذَا طَهُرَتْ، فَهِيَ مَقْرِئٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَصْلِهِ فَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ الْوَقْتُ لِمَجِيءِ الشَّيْءِ وَذَهَابِهِ، يُقَالُ: رَجَعَ فُلَانٌ لِقُرْئِهِ وَلِقَارِئِهِ أَيْ لِوَقْتِهِ الَّذِي يَرْجِعُ فِيهِ وَهَذَا قَارِئُ الرِّيَاحِ أَيْ وَقْتُ هُبُوبِهَا، قَالَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ الْهُذَلِيُّ: كَرِهْتُ الْعَقْرَ عَقْرَ بَنِي شَلِيلٍ ... إِذَا هَبَّتْ لِقَارِئِهَا الرِّيَاحُ
أَيْ لِوَقْتِهَا، وَالْقَرْءُ يَصْلُحُ لِلْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّ الْحَيْضَ يَأْتِي لِوَقْتٍ، وَالطُّهْرُ مِثْلُهُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْقَرْأِ وَهُوَ الْحَبْسُ وَالْجَمْعُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: مَا قَرَأَتِ النَّاقَةَ سَلًّا قَطُّ أَيْ لَمْ تَضُمَّ رَحِمُهَا عَلَى وَلَدٍ وَمِنْهُ قَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْمِقْرَاةِ وَهِيَ الْحَوْضُ أَيْ جَمَعْتُهُ، بِتَرْكِ هَمْزِهَا، فَالْقَرْءُ هَاهُنَا احْتِبَاسُ الدَّمِ وَاجْتِمَاعُهُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّرْجِيحُ

(١) رواه أبو داود: في الطهارة - باب: من قال تغتسل من طهر إلى طهر ١ / ١٩١. والترمذي: في الطهارة - باب: ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة ١ / ٣٩٣. وابن ماجه: في الطهارة - باب: ما جاء في المستحاضة ١ / ٢٠٤. والدارقطني: في الحيض - ١ / ٢١٢ وانظر نصب الراية: ١ / ٢٠٢-٢٠٤.
(٢) رواه البخاري في الطلاق - باب: تحريم طلاق الحائض بغير رضاها برقم: (١٤٧١) ٣ / ١٠٩٣. والمصنف في شرح السنة: ٩ / ٢٠٢-٢٠٣.

1 / 266