76

Tafsiri

تفسير الراغب الأصفهاني

Bincike

د. هند بنت محمد بن زاهد سردار

Mai Buga Littafi

كلية الدعوة وأصول الدين

Inda aka buga

جامعة أم القرى

ذلك الكتاب - كان كذبًا على هذا - وإذا قيل: " ذلك الكتاب الم " كان صدقًا؟ قيل: في ذلك الكتاب جوابان أحدهما: أن يجعل " ذلك الكتاب ": مبتدأ. و" الم ": خبرًا له مقدمًا، وتقديمه على كون العناية به أصدق كما تقدم. والثاني: أنه قد يقال: الإنسان زيد. بمعنى غير معنى " زيد إنسان " وهو أن يراد أن كما الإنسانية موجود في زيد. فكأنه قيل: كمال حروف التهجي موجود في هذا الكتاب والمكتوب في التعارف اسم للمكتوب، أي: المنظوم كتابة، وقد يعبر عن المنظوم عبارة قبل أن يكتب بالكتاب. قوله تعالى: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ الآية: (٢) - سورة البقرة. قال المفسرون: معناه لا شك فيه، فإن قيل: كيف نفى الريب عنه، وقد علم تشكك كثير من الناس فيه؟ قيل: في ذلك أجوبة: الأول: إن ذلك نفي على معنى النهي نحو قوله: ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾، بدلالة قوله: ﴿فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ وقوله: ﴿فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ﴾ فإن قيل: الشك لا يقصده الإنسان، فكيف ينهى عنه؟ قيل: اللفظ لذلك، والمعنى حث على التدبر والتفكر النافيين للشك. والثاني: أنه يقال: رابني كذا، إذا تحققت منه الريبة، وأرابني: أوهمني الريبة. قال الشاعر: أخوك الذي إن ربته قال إنما. . . أربت وإن عاتبته لان جانبه فالقرآن لا ريب فيه، وإن كان فيه ارتياب من بعض الكفار، والثالث أنه يقال: هذا لا ريب فيه، والقصد إلى أنه حق، تنبيهًا أن الريب يرتفع عن عند التدبير والتأمل، والرابع: أنه لا ريب في كونه مؤلفًا من حروف التهجي وقد عجزتم عن معارضته، والخامس لا ريب فيه للمتقين، ويكون خبر (لا ريب فيه) قوله تعالى: (للمتقين) وهدى نصب على الحال أو خبر ابتداء مضمر في موضع الحال. قوله ﷿: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ الآية: (٢) - سورة البقرة. قد تقدم الكلام في الهداية. أما اختصاص المتقين، فلأن الهداية: نصب العلم ليهتدي به الناس فله موضوع هو المبدأ: وذلك نصب العلم للكافة. وغاية: وهو الاهتداء به، فيقال: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ لما لم يهتد به غيرهم. ومثاله: من بنى مسجدًا مباحًا للكافة. يصح أن يقول: " بنيت هذا المسجد للناس كافة "، اعتبارًا بالمبدأ. ويصح أن يقول: بنيته للمصلين فيه، اعتبارًا بالغاية. وطريقة أخرى: وهي أن

1 / 76