Tafsiri
تفسير الراغب الأصفهاني
Editsa
د. هند بنت محمد بن زاهد سردار
Mai Buga Littafi
كلية الدعوة وأصول الدين
Inda aka buga
جامعة أم القرى
قوله ﷿:
﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
الآية (١٠٩) - سورة البقرة.
الحسد: كراهية نعمة على مستحق لها، وعدت من عظائم الذنوب، إذ هو معاندة الله في إرادته، وهو شر من البخل، فإن الحسد بخل على الغير بنعمة من لا تنفد العطايا نعمه، والعفو ترك العقوبة على المذنب، والصفح ترك ترئته، وقد يعفو الإنسان ولا يصفح، وصفحت عنه: أي أوليته مني صفحة جميلة معرضًا عن ذنبه، أو لقيت صفحته متجافيًا عنه، أو تجاوزت الصفحة التي أثبت فيها ذنبه إلى غيرها من قولك: تصفحت الكتاب، وفي الآية تنبيه أن كثيرًا من أهل الكتاب يتمنون ارتدادكم بعد إيمانكم حسدًا، وقوله: (من عند أنفسهم) أي من عند هواهم كقوله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾، وعبر عن الهوى بالنفس وهي الأمارة بالسوء، وبين أنهم فعلوا ذلك بعد وضوح الحق لهم، ولكنهم بحسدهم وهوائهم لا يتحرونه، ولا يحبون أن يتحراه غيرهم، ثم أمر بالتجافى عنهم إلى أن يأتي الله بأمره تسكينًا لهم ووعدًا بتغييره لقدرته على كل شك، وروي عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- أن هذه الآية منسوخة بقوله: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾، وقال غيره: هي غير منسوخه، وهذا الخلاف يرجع إلى اختلاف نظيرين، وذاك أن كل أمر ورد مقيدًا بانتهاء ما معين أو غير معين فورود الأمر بخلافه يصح أن يقال: هو نسخ له من حيث إنه يرفع الأول، ويصح أن يقال: إنه ليس بنسخ، فإن النسخ في الأمر المطلق.
1 / 291