207

Tafsiri

تفسير الراغب الأصفهاني

Bincike

د. هند بنت محمد بن زاهد سردار

Mai Buga Littafi

كلية الدعوة وأصول الدين

Inda aka buga

جامعة أم القرى

كل انفجار انبجاسًا، فإذا صح أن قيل ههنا: " انفجرت "، وفي غيرها: " انبجست " لأن العالم يستعمل أبدًا مكان الخاص، والمشرب مكان الشرب، وسمي الشعر على الشفة العليا والعروق التي في باطن الخلق شارب لتصورهما بصورة الشاربين، واستعير الشرب والشبع لما يولج في المصبوغ، فقيل: ثوب مشرب ومشبع صبغًا، و" أشربت فلانًا كذا " مكنته في نفسه، وعلى ذلك ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ﴾ والعبث والعثي يتقاربان نحو " جذب " و" جبذ "، يقال: عثى عثا، وعثى يعثوا عثوا، وعاث يعيث عيثًا، إلا أن العيث أكثر ما يقال فيما يدرك حسًاَ، والعثو فيما يدرك حكمًا، فإن قيل: فما فائدة قوله ﴿مُفْسِدِينَ﴾، والعثو ضرب من الإفساد، وقيل: قد قال بعض النحويين إن ذلك حال مؤكدة، وذكر ألفاظًا مما يشبهه، وقال بعض المحققين، " إن العثو وإن اقتضى الفساد فليس بموضوع له، بل هو كالاعتداء، وقد يوجد في الاعتداء ما ليس بفساد وهو مقابلة المعتدي بفعله، نحو: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾، وهذا الاعتداء ليس بإفساد، بل هو بالإضافة إلى ما قوبل به عدل، فلولا كونه جزاءًَ لكان إفسادًا، فبين تعالى أن العثو المنهي عنه هو المقصود به الإفساد مكروه على الإطلاق، ولهذا قال: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾، وقد يكون في صورة العثو، والتعدي ما هو صلاح وعدل على ما تقدم، وهذا ظاهر، والمروي في الخبر أنه كان مع موسى ﵇ حجرٌ إذا نزلوا منزلًا وضعه فضربه بالعصاة فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا لكل سبط عين، وأنكر ذلك بعض الطبيعيين واستبعده، وهذا المنكر مع أنه لم يتصور قدرة الله في

1 / 207