112

Tafsiri

تفسير الراغب الأصفهاني

Bincike

د. هند بنت محمد بن زاهد سردار

Mai Buga Littafi

كلية الدعوة وأصول الدين

Inda aka buga

جامعة أم القرى

فلا يتعدى مثل قولك جعل زيد يقول كذا، قال الشاعر: وقد جعلت قلوص بني سهيل .... من الأكوار مرتعها قريب وتارة تجري مجرى " أوجد، فيتعدى إلى مفعول واحد، نحو قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ وتارة تجري نجرى صير وكون فيتعدى إلى مفعولين نحو قوله تعالى ﴿جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا﴾ وتقول جعلته خارجًا إذا جملته على الخروج وإذا أخبرت عنه بالخروج أو حكمت له سواء كان خارجًا أو لم يكن والفراش والبساط متقاربان وهو كل ما فرش من ثوب أو غيره والبناء لكل مرتفع وحائط وغيره والقصد بالآية إلى ما جعله الله تعالى لنا من الآية الواصلة إلينا من السماء والأرض وما بينهما ودل على ذلك بأظهر الآلاء وأقربها من الحواس وقد بسط ذلك المعنى بأبلغ من هذا في قوله ﴿خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ وهذا المعنى على مقتضى ظاهر اللفظ. وقد قال بعض المفسرين إن الله تعالى مع إرادته لهذا المعنى جعل ذلك مثلًا فذلك أنه جعل الأرض فراشًا أي مركبًا من قوله: " افترشت البعير " إذا ركبته، (والسماء بناء) أي الجنة مقرًا أو منزلًا، وجعل ما يصل إلينا من الوحي والعلم ماء، وما يثمره من الأعمال الصالحة التي هي سبب الحياة الأبدية ثمرات، وهذا إذا جعل مثلًا فليس ببعيد، إذ قد علم أن السماء تجعل مثلًا لكل منزلة رفيعة كقول الشاعر: نالوا السماء فأمسكوا بعنانها ... حتى إذا كانوا هناك استمسكوا ولا منزلة أرفع من الجنة، ثم لما كانت الجنة في السماء على ما روي في الخبر صح أن يعبر به عنها وقد جعل الأرض مركبًا لنا لما روى في الخبر: " اجعلوا الدنيا مطية تبلغكم إلى الآخرة، واجعلوا الآخرة دار مقركم ومحط رحالكم، وجعل المساء مثلًا للعلم والحكمة حتى قيل في قوله تعالى ﴿وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ أنه عنى بالماء القرآن بدلالة أنه علقه بالسماع، وليس الماء مما يسمع، وفي قوله ﷿ ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ أنه عنى به القرآن، فذلك روي عن ابن عباس ﵄، ويروى أن رجلًا قال لابن سيرين:

1 / 112