Tafsirin Alkur'ani Mai Girma
تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني
Nau'ikan
[225]
قوله تعالى : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولاكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم } ؛ اختلف العلماء في لغو اليمين المذكور في هذه الآية ؛ فقال قوم : هو ما يسبق به اللسان على سرعة وعجلة ليصل به كلامه من غير عقد ولا قصد ؛ مثل قول الإنسان : لا والله ؛ بلى والله ؛ ونحو ذلك. فهذا لا كفارة فيه ولا إثم عليه ، وعلى هذا القول عائشة رضي الله عنها والشعبي وعكرمة ومجاهد.
وقال أخرون : لغو اليمين هو أن يحلف الإنسان على شيء يرى أنه صادق فيه ، ثم تبين له خلاف ذلك ؛ فهو خطأ منه غير عمد ، فلا إثم عليه ولا كفارة ؛ وعلى هذا القول ابن عباس والزهري والحسن وإبراهيم النخعي وقتادة والربيع وزرارة بن أوفى ومحكول والسدي. وقال علي رضي الله عنه وطاووس : (اللغو اليمين في حالة الغضب والضجر من غير عقد) ولا عزم) ، ومثله مروي عن ابن عباس. يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يمين في غضب ".
وقال بعضهم : هو اليمين في المعصية ، لا يؤاخذه الله بالحنث في يمينه ويكفر ، وبه قال سعيد بن جبير. وقال غيره : ليس عليه في ذلك كفارة. وقال مسروق في الرجل يحلف على المعصية : (كفارته أن يتوب عنها ، وكل يمين لا يحل له أن يفي بها فليس فيها كفارة ؛ ولو أمره بالكفارة لأمرته أن يتم على قوله). يدل عليه ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من نذر فيما لا يملك فلا نذر له ، ومن حلف على معصية فلا يمين له ".
وعن إبراهيم النخعي قال : (لغو اليمين أن يصل الرجل كلامه بالحلف ، كقوله : والله ليأكلن ؛ والله ليشربن ؛ ونحوها ، لا يقصد بذلك اليمين ولا يريد به حلفا ، فليس عليه فيه كفارة). يدل عليه ما " روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقوم ينتضلون ومعهم رجل من أصحابه ؛ فرمى رجل من القوم فقال : والله أصبت ؛ والله أخطأت. فقال الرجل الذي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم : حنث الرجل يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : [كل أيمان الرماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة ".
وقالت عائشة : (أيمان اللغو ما كان في الهزل والمراء والخصومة والحديث الذي لا يعقد عليه القلب). وقال زيد بن أسلم : (هو دعاء الحالف لنفسه ، كقوله : أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا ، أخرجني الله من مالي إن لم آتك غدا).
قوله تعالى : { ولاكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم } أي بما تعمدتم الكذب ؛ وهو أن يحلف على شيء يعلم أنه ليس كذلك. والمعنى : (ولكن يؤاخذكم } بما عزمتم وقصدتم وتعمدتم ؛ لأن كسب القلب العقد والنية. قوله تعالى : { والله غفور حليم } ؛ أي { غفور } لمن تاب من اليمين الغموس ، { حليم } حين رخص لكم في الحنث ولم يعاقبكم على اليمين على ترك البر.
واللغو في اللغة : الكلام الساقط الذي لا فائدة فيه ولا حكم له ، يقال : ألغيت الشيء إذا طرحته. وقد يذكر اللغو ويراد به الكلام الفاحش القبيح ، قال الله تعالى : { وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه }[القصص : 55] وقال تعالى : { وإذا مروا باللغو مروا كراما }[الفرقان : 72].
Shafi 207