167

Tafsirin Alkur'ani Mai Girma

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

Nau'ikan

Tafsiri

[180]

قوله عز وجل : { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت } ؛ أي فرض عليكم إذا حضر أحدكم أسباب الموت من العلل والأمراض ، { إن ترك خيرا } ؛ أي مالا ، { الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف } ؛ وفي ارتفاع الوصية وجهان ؛ أحدهما : اسم ما يسم فاعله ؛ أي كتب عليكم الوصية ، والثاني : بخبر الجار والمجرور. وفي قوله : { للوالدين }. وقوله تعالى : { بالمعروف } أي لا يزيد على الثلث ؛ ولا يوصي للغني ويترك الفقير. كما قيل : الوصية للأحوج فالأحوج. وقوله تعالى : { حقا } ؛ أي حقا واجبا وهو نعت على المصدر ، معناه : حق ذلك حقا. وقيل : على المفعول ؛ أي جعل الوصية حقا. وقوله تعالى : { على المتقين } ؛ أي على المؤمنين.

وسبب نزول هذه الآية : أنهم كانوا في ابتداء الإسلام يوصون للأباعد طلبا للرياء ، فأمر الله تعالى من { ترك خيرا } أي مالا. نظيره قوله تعالى : { وما تنفقوا من خير }[البقرة : 272] أي من مال ، وقوله : { إني لمآ أنزلت إلي من خير فقير }[القصص : 24] أي من مال ، { وإنه لحب الخير لشديد }[العاديات : 8]. وقوله تعالى : { إذا حضر أحدكم الموت } أي إذا مرض أحدكم ؛ لأنه إذا عاين الموت فقد شغل عن الوصية.

وهذه الآية منسوخة عند أكثر العلماء ، واختلفوا بأي دليل نسخت ؛ فقال بعضهم : بآية المواريث ، وهذا لا يصح ؛ لأن الله تعالى قال فيها : { من بعد وصية يوصي بهآ }[النساء : 11]. والصحيح : أنها نسخت بقوله عليه السلام : " لا وصية لوارث " وهذا الخبر وإن كان خبر واحد فقد تلقته الأمة بالقبول ، فقد جرى مجرى التواتر ، ويجوز نسخ القرآن بمثل هذه السنة ، ولا تجب الوصية إلا على من عليه شيء من الواجبات لله تعالى أو لعباده ، وتستحب لما لا شيء عليه بالوصية بالثلث لأقاربه الذين لا يرثونه بالرحم ، وفي جهات الخير إذا لم يخف ضررا على ورثته ، قال الضحاك : (من مات ولم يوص لذي قرابته ، فقد ختم عليه بمعصيته). وقيل : لا يجب على أحد وصية ، فإن أوصى فحسن ، وإن لم يوص فلا شيء عليه ، وهذا قول علي وابن عمر وعائشة وعكرمة ومجاهد والسدي.

قال عروة بن الزبير : (دخل علي رضي الله عنه على مريض يعوده ؛ فقال : إني أريد أن أوصي ، قال علي رضي الله عنه : إن الله عز وجل قال : { إن ترك خيرا } وإنما تترك شيئا يسيرا فدعه لعيالك ، فإنه أفضل). وروى نافع عن ابن عمر : (أنه لم يوص ، فقال : أما رباعي فلا أحب أن يشارك ولدي فيها أحد]. وروي : (أن رجلا قال لعائشة رضي الله عنها : إني أريد أن أوصي ، قالت : كم مالك ؟ قال : ثلاثة آلاف ، قالت : كم عيالك ؟ قال : أربعة ، قالت : إنما قال الله تعالى : { إن ترك خيرا } وهذا شيء يسير فاترك لعيالك). وقد روي عن عروة بن ثابت قال للربيع بن خيثم : (أوص لي بمصحفك ، فنظر إلى ابنه ، وقال : { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله }[الأنفال : 75]).

Shafi 167