135

Tafsirin Alkur'ani Mai Girma

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

Nau'ikan

Tafsiri

[144]

قوله عز وجل : { قد نرى تقلب وجهك في السمآء } ؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عليه السلام : " [وددت أن الله تعالى صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها؟] فقال جبريل : إنما أنا عبد مثلك لا أملك شيئا ؛ فاسأل ربك أن يحولك عنها ، فارتفع جبريل وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بما سأل ؛ فأنزل الله هذه الآية : { قد نرى تقلب وجهك في السمآء } " ، { فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام }.

وروي : أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون بمكة إلى الكعبة ، فلما هاجروا إلى المدينة أمره الله أن يصلي إلى بيت المقدس ؛ ليكون أقرب إلى تصديق اليهود له إذا صلى إلى قبلتهم مع ما يجدون من صفته في التوراة. فروي أنه صلى الله عليه وسلم صلى هو وأصحابه نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرا ؛ وكانت الكعبة أحب القبلتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

واختلفوا في السبب الذي كان لأجله يكره قبلة بيت المقدس وهوي الكعبة. فقال ابن عباس : (لأنها قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام ). وقال مجاهد : (من أجل أن اليهود قالوا : يخالفنا محمد في ديننا ويتبع قبلتنا).

وقال مقاتل : " لما أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إلى بيت المقدس ، قالت : اليهود : يزعم محمد أنه نبي ؛ وما نراه أحدث في نبوته شيئا! أليس يصلي إلى قبلتنا ، ويستن بسنتنا! فإن كانت هذه نبوة فنحن أقدم وأوفر نصيبا. فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وازداد شوقا إلى الكعبة وقال : [وددت أن الله تعالى صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها ، فإني أبغضهم وأبغض موافقتهم] فقال جبريل عليه السلام : إنما أنا عبد مثلك ، ليس لي من الأمر شيء ، فاسأل ربك. ثم عرج جبريل عليه السلام ؛ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن ينزل جبريل بما يحب من أمر القبلة ، فأنزل الله تعالى : { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها } " أي فلنلحقك إلى قبلة تحبها وتهواها ، { فول وجهك شطر المسجد الحرام } أي نحوه وقصده. وهو نصب على الظرف. وقيل : شطر الشيء نصفه ، فكأن الله أمره أن يحول وجهه إلى نصف المسجد الحرام ؛ والكعبة في النصف منه من كل جهة.

قوله تعالى : { وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } ؛ أي أينما كنتم من بر أو بحر أو جبل أو سهل أو شرق أو غرب فولوا وجوهكم نحوه. فحولت القبلة في رجب بعد زوال الشمس قبل قتال بدر بشهرين.

وقال مجاهد : (نزلت الآية ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد بني سلمة وقد صلى بأصحابه ركعتين من الظهر ، فتحول في الصلاة فاستقبل الميزاب فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين.

Shafi 135