من السمات العامة التي تميز بين الاستخدام العام لهذه الأساليب واستخدامها في تدريس التفكير النقدي، هي تطبيقها في مجال التفكير النقدي على «المسائل المبهمة»؛ أي المسائل التي ليس لها حلول بسيطة، أو قد لا يكون لها إجابات صحيحة وغير صحيحة.
على خلاف أسئلة الاختبارات أو التدريبات الورقية التي تكون إجاباتها إما صحيحة أو غير صحيحة والتي يمكن تقييمها بموضوعية، تتسم المسائل المبهمة بإجابات مفتوحة، وكثيرا ما تنطوي على قرارات حيث لا يكون الحل واضحا. ومن أمثلة هذه المسائل، القضايا التي تنطوي على مستوى من الموضوعية أو المعضلات الأخلاقية التي تقتضي تحديد خيار من عدة خيارات، ولكل منها مزاياه وعيوبه. إن مثل هذه المسائل المبهمة تبرز تعقيد معظم المواقف التي يحتاج الطلاب إلى التفكير فيها، سواء أكانت داخل الفصل أم خارجه، وهي المواقف ذاتها التي تحدث في بيئة التعلم والحياة الواقعية وتستلزم التفكير فيها تفكيرا نقديا لاكتشاف الحقيقة أو لاتخاذ قرارات عقلانية ومستنيرة ومدروسة جيدا.
إن مفهوم المسائل المبهمة يعود بنا من جديد إلى الملاحظات النفسية التي وضعها جون ديوي بشأن كيفية تعلم الأفراد. فالمسائل المبهمة تثير حب الاستطلاع لدى الطلاب من خلال غرس الشك في عقولهم، ووفقا لفلسفة ديوي البراجماتية، فإن هذا الشك يحفزنا جميعا لنتخلص منه. ونظرا إلى أن الكثير من جوانب العالم لا يتناسب مع الإجابات البسيطة الواضحة، فمن المحتمل أن يتداخل العديد من المسائل المولدة للشك والمبهمة وذات الإجابات المفتوحة مع الاهتمامات الفعلية للطلاب. ومن ثم، يكمن العامل الأساسي لنجاح تدريس التفكير النقدي في إدارة العملية التي يستخدمها الطلاب لتبديد الشك، وتوجيهها بطرق مثمرة فكريا يرجح أن تقودهم إلى الحقيقة أو إلى اتخاذ خيارات حكيمة على الأقل.
إن الانتشار الواسع للمسائل المبهمة ذات الإجابات المفتوحة يوفر للطلاب عددا لا نهائيا من الفرص كي يستكشفوا القضايا المعقدة في أي موضوع. لكن طبيعة تلك المسائل إضافة إلى طبيعة التفكير النقدي ذاتها ذات الأوجه المتعددة تثير سؤالا مهما آخر يرتبط بتطوير المفكرين النقديين بصفته هدفا أكاديميا، لا سيما في عصر يعطي الأولوية للمساءلة الأكاديمية، والسؤال هو: أيمكن قياس القدرة على التفكير النقدي؟ (12) هل يمكن تقييم التفكير النقدي؟
يوجد عدد من التقييمات التجارية للتفكير النقدي تستخدم في مجالي التعليم والتوظيف على مستوى العالم، والعديد منها قد صاغه بعض الباحثين الوارد ذكرهم بين دفتي الكتاب.
ومن هؤلاء الباحثين على سبيل المثال، إدوارد جليسر الذي شارك في تشكيل تقييم واتسون-جليسر للتفكير النقدي الذي يعد من تقييمات التفكير النقدي الشهيرة المصممة على المستوى المهني، وكان جليسر ممن صاغوا واحدا من أوائل التعريفات المتعددة الأوجه للتفكير النقدي. ومنهم أيضا بيتر فاسيون الذي أشرف على دراسة ديلفي للتوصل إلى تعريف متفق عليه للتفكير النقدي، وساعد أيضا في صياغة اختبار ولاية كاليفورنيا لمهارات التفكير النقدي استنادا إلى التعريف المتفق عليه في دراسة ديلفي. ونظرا إلى أهمية السمات التي اتضحت من خلال دراسة ديلفي وغيرها من الدراسات؛ ابتكر فاسيون وزملاؤه قائمة ولاية كاليفورنيا للسمات الخاصة بالتفكير النقدي على صورة تقييم استبياني يهدف إلى قياس الخصال الفكرية المهمة، مثل الانفتاح الذهني وحب الاستطلاع.
يوجد العديد أيضا من الاختبارات الأخرى المنشورة، مثل اختبار كورنيل للتفكير النقدي، وتقييم هيلبرن للتفكير النقدي، واختبار إنيس-وير المقالي للتفكير النقدي، وتقييم التعلم الجماعي بنسختيه: (
CLA
و
CLA+ )، ولكل منها بنيته ونقاط تركيزه الخاصة به، رغم أن بعض الأبحاث تشير إلى درجة كبيرة من التداخل بين الجوانب التي يزعم العديد من تلك الاختبارات قياسها.
Shafi da ba'a sani ba