إذن، ما مقدار الممارسة المدروسة اللازمة كي يصبح الفرد مفكرا متمرسا؟ سنورد فيما يلي إحدى الإجابات المستقاة من العمل الذي قام به كل من كيه أندريس إريكسون ونيل تشارنس، وذكره الباحث الأسترالي تيم فان جيلدر:
وجد إريكسون أن تحقيق أعلى مستويات التميز في العديد من المجالات المختلفة يرتبط ارتباطا وثيقا بمقدار الممارسة المدروسة. ومن المثير للاهتمام أن إريكسون قد اكتشف أيضا درجة ملحوظة من الاتساق بين المجالات من حيث مقدار ما يلزم من الممارسة للوصول إلى أعلى المستويات؛ ويستغرق ذلك بصفة عامة عشر سنوات من الممارسة لمدة أربع ساعات في اليوم تقريبا.
وعلى الرغم من أن إريكسون لم يدرس التفكير النقدي على وجه التحديد، فلدينا ما يسوغ افتراض أن استنتاجاته تنطبق على التفكير النقدي أيضا. وهذا يعني أن مهارات التفكير النقدي ستتحسن لدى الطلاب بأقصى درجة من الفاعلية إذا انخرطوا في مقدار كبير من الممارسة المدروسة للتفكير النقدي. ولا تقتصر هذه الممارسة بالطبع على التفكير النقدي بشأن موضوع ما (مثل تبني التفكير «النقدي» في كتابة مقال عن الفلسفة). وإنما تتضمن أيضا القيام بتدريبات خاصة تهدف في الأساس إلى تحسين مهارات التفكير النقدي ذاتها.
25
لا شك في أن آلاف الساعات من الممارسة التي قد يستغرقها الأمر كي يصبح المرء مفكرا نقديا، أكثر مما يمكن أن يوفره حتى أكثر دورات التفكير النقدي التدريبية تخصصا وتطلبا للجهد، فضلا عن دورة تدريبية في مجال مختلف ينبغي أن توازن بين تطوير مهارات التفكير العامة والخاصة بالمجال، وبين تعلم محتوى الدورة التدريبية. لذا، فربما يجب أن تنطوي هذه الدورات التدريبية المخصصة والمدمجة على تعريف الطلاب بشأن طبيعة التفكير النقدي وممارساته، وتوحي لهم أيضا بالاستمرار في الممارسة المدروسة من تلقاء أنفسهم، مثلما يتدرب الرياضيون المتحمسون بالساعات كل يوم لتدريب عقولهم وأبدانهم على توقع ظروف أرض المباراة الدائمة التغير، وعلى الاستجابة لتلك الظروف.
26
و في ساحة القتال! في النهاية، تجمع بضع ألعاب رياضية ما بين الممارسة المدروسة أوقاتا طويلة والتقدم الذي يقاس بإظهار البراعة، مثل الفنون القتالية. إن هذا النموذج من إتقان المهارات دفع آن جيه كاهيل وستيفن بلوخ شولمان من جامعة إيلون، إلى إعادة تشكيل حصة الحجاج التي يدرسونها في مستوى التعليم العالي، على غرار حصص الفنون القتالية:
في كل مستوى تال من التقييم في حصص [الفنون القتالية]، على الطلاب إثبات أنهم لا يزالون يتمتعون بالمهارات التي اكتسبوها في مستويات الأحزمة السابقة. ومن الجدير بالملاحظة أن معلم الفنون القتالية الجيد لا يمنح الحزام بناء على المجهود؛ أي بعيدا عما إذا كان الطالب قد حاول جاهدا أن يتقن حركة معينة. فالسؤال هو، هل يستطيع الطالب توجيه اللكمة؟
لقد طبقنا تلك الأفكار من أصول تدريس الفنون القتالية بهدف تحقيق الطلاقة في الحجاج؛ بمعنى تنمية القدرة على فهم الحجج وتقييمها وصياغتها، بما يمكن المرء من اكتساب المهارات والعادات والسمات اللازمة لاستخدام تلك الأساليب في مجموعة كبيرة من السياقات.
27
Shafi da ba'a sani ba