Tunanin Wajibi Musulunci
التفكير فريضة إسلامية
Nau'ikan
ويتبين من تاريخ العالم الإسلامي في جملته أنه على ما اعتراه من أدوار التأخير والجمود لم يستمع طويلا لآراء القائلين بمنع الاجتهاد في أية صورة من صوره، فإذا غلب التقليد في بلد من بلاده لم يخل سائر البلدان من أئمة يقولون بالاجتهاد، ويعملون به في كل باب من أبوابه، وهي كثيرة تدل كثرتها على كثرة البحث فيها، وكثرة العاملين بها.
فمن أبواب الاجتهاد: القياس، وهو أن يرى المجتهد رأيا فيما لم يرد فيه نص من الكتاب والحديث قياسا على ما ورد من النصوص؛ للمشابهة في العلة والمقصد.
ومن أبوابه: الاستحسان، وهو المفاضلة بين حكمين مستندين إلى النصوص ترجيحا لأحد الحكمين على الآخر؛ لأن الراجح منهما أوفى بالقصد، وأقرب إلى السبب المشروط في إجرائه.
ومنها: المصالح المرسلة، وهي المصالح التي لم تتقيد بنص ولم يسبق لها نظير، ولكنها عمل تتحقق به مصلحة الأمة في حالة من الحالات، فيتصرف فيها الإمام المسئول بما يوافق تلك المصلحة، ويمنع الضرر من فواتها.
ومهما يكن من قول بمنع الاجتهاد، فمن الحق أن نعلم أن عمل السياسة فيه كان أقوى وأفعل من عمل الدين وبواعث العقيدة أو الشريعة. وهذه مسألة لها خطرها في هذا البحث عن فريضة التفكير في الإسلام، فهي حقيقة أن نرجع بها إلى أصولها، وأن نذهب بها إلى غاياتها التي تتكشف من حوادثها وأزماتها.
فلم يتردد في العالم الإسلامي قول القائلين بمنع الاجتهاد كما تردد في عصر الدعوة الفاطمية، التي تعرف أحيانا باسم الدعوة الباطنية، أو الدعوة الإسماعيلية، وينسب إليها الإيمان بالإمام المستور، والمبايعة له جهرا وسرا إذا اقتضت «التقية» إخفاء أمره إلى حين.
وخلاصة المذاهب الإمامية أن هذا العالم لا يخلو من إمام يقوم بالهداية، ويعلم من أسرار الدين ما لا يعلمه أحد من خاصة العلماء، أو من عامة المقلدين؛ لأن هؤلاء جميعا إنما يعلمون ما ظهر من نصوص الكتاب، ولا علم لهم بما بطن منه، وهو عندهم معنى الحديث الذي يقول: «إن القرآن نزل على سبعة أحرف.» فلا يهتدي إليها على حقائقها غير الإمام الذي اختصه الله بأمانة الإلهام.
وقد نشأ مذهب «الظاهرية» ليقاوم هذه الباطنية، وينكر الحاجة إلى إمام مستتر يعلم الناس ما ليس في وسعهم أن يتعلموه من ظاهر الآيات والأحاديث.
ونشأ مذهب الظاهرية في المشرق، فقام به في بغداد داود بن سليمان الظاهري (201-270ه)، ولكنه لم يبلغ من القوة والشيوع مبلغه في المغرب على يد الإمام علي بن أحمد بن سعيد، المشهور باسم ابن حزم الظاهري (384-456ه)؛ إذ كانت الدعوة الفاطمية - أو الإمامية الإسماعيلية - على أقواها وأشيعها في بلاد المغرب من إفريقيا الشمالية، وكان ابن حزم أمويا شديد التعصب للدولة الأموية، شديد الإنكار على من يقاومونها من العلويين أو الفاطميين، حتى قال بعضهم عنه: إنه «ناصب»، أي ممن يعادون شيعة آل البيت ويناصبونهم العداء.
قال ابن حزم في كتاب الفصل: «واعلموا أن دين الله ظاهر لا باطن فيه، وجهر لا سر تحته، كله برهان لا مشاحة فيه، واتهموا كل من يدعو إلى أن يتبع بلا برهان، وكل من ادعى للديانة سرا وباطنا، فهي دعاوى ومخارق، واعلموا أن رسول الله
Shafi da ba'a sani ba