Tafkir Cilmi
التفكير العلمي ومستجدات الواقع المعاصر
Nau'ikan
13
وثمة نقطة أخرى جديرة بالإشارة، وهي أن الهوة قد اتسعت بين العلم والإنسانيات، كما بين «تشارلز بيرس سنو
Charles Percy Snow (1905-1980م)» في مقاله الكلاسيكي «الثقافتان والثورة العلمية» عام 1959م؛ وهذا المقال كان في الحقيقة عبارة عن محاضرة ألقاها «سنو» في جامعة كامبردج عرفت باسم «محاضرة ريد»، وسببت هذه المحاضرة ملاحاة شديدة وجدلا عنيفا بين مؤيد ومعارض. وفيما بعد نشر «سنو» هذه المحاضرة في كتيب يحمل العنوان «الثقافتان والثورة العلمية».
14
ويذهب «سنو» في محاضرته إلى وجود هوة سحيقة ضارة تفصل في الوقت الراهن بين العلوم الطبيعية في جانب، والثقافة التقليدية التي يشكل الأدب جزءا منها في جانب آخر.
15
وكان الجدل الذي طرحه «سنو» يتمثل في تأكيده أن الثقافتين منفصلتان تقريبا بلا تواصل، ولا يدري أفراد كل فئة الكثير عن نشاط الفئة الأخرى. الكارثة أن أفراد الثقافة العلمية، قلما يقرءون الأدب أو التاريخ مثلا، وأفراد الثقافة الأدبية لا يعرفون إلا أقل القليل عن القوانين العلمية حتى أبسطها كقوانين الكتلة أو عجلة التسارع.
16
وأضاف أن هذه الهوة ليست جديدة؛ إذ إنها كانت قائمة بدرجات متفاوتة منذ ما أسماه بالثورة العلمية (التي بدأت على أقصى تقدير منذ ما يقرب من نصف قرن تقريبا). وكانت نتيجة هذه الهوة الثقافية، أننا نرى المفكرين الأدباء في واد، والعلماء في واد آخر، وقد تقطعت بينهم كل أسباب التفاهم، وتمزقت كل وشائج الاتصال، ويقول «سنو» في هذا الشأن: «أعتقد أن الحياة الفكرية للمجتمع الغربي كله تتزايد انقساما إلى مجموعتين مستقطبتين، هناك عند أحد القطبين مثقفو الأدب، والعلماء عند القطب الآخر، وأكثر من يمثلهم هم علماء الفيزياء.»
17
Shafi da ba'a sani ba