60

Tadrib Rawi

تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي

Editsa

أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي

Mai Buga Littafi

دار طيبة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
فِي الْمُذَاكَرَةِ، وَلَمْ يَقْصِدِ الرِّوَايَةَ عَنْهُ كَالشَّافِعِيِّ الَّذِي لَازَمَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمُوَطَّأَ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا اعْتِرَاضُهُ بِابْنِ وَهْبٍ وَالْقَعْنَبِيِّ، فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إِنَّهُ سَمِعَ الْمُوَطَّأَ مِنَ الشَّافِعِيِّ بَعْدَ سَمَاعِهِ لَهُ مِنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ الرَّاوِي لَهُ عَنْ مَالِكٍ بِكَثْرَةٍ، قَالَ: لِأَنِّي رَأَيْتُهُ فِيهِ ثَبْتًا، فَعَلَّلَ إِعَادَتَهُ لِسَمَاعِهِ وَتَخْصِيصَهَا بِالشَّافِعِيِّ بِأَمْرٍ يَرْجِعُ إِلَى التَّثَبُّتِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْهُمَا.
قَالَ: نَعَمْ، أَطْلَقَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ أَنَّ الْقَعْنَبِيَّ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الْمُوَطَّأِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَوْجُودِينَ عِنْدَ إِطْلَاقِ تِلْكَ الْمَقَالَةِ، فَإِنَّ الْقَعْنَبِيَّ عَاشَ بَعْدَ الشَّافِعِيِّ مُدَّةً، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مُعَارَضَةُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِمِثْلِهَا، فَقَدْ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ مِثْلَ ذَلِكَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ التِّنِّيسِيِّ.
قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ التَّقْدِيمِ مِنْ جِهَةِ مَنْ سَمِعَ كَثِيرًا مِنَ الْمُوَطَّأِ مِنْ لَفْظِ مَالِكٍ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّمَاعَ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ أَتْقَنُ مِنَ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا ابْنُ وَهْبٍ فَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّهُ غَيْرُ جَيِّدِ التَّحَمُّلِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى صِحَّةِ النَّقْلِ عَنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِنْ كَانَ أَتْقَنَ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ، ثُمَّ كَانَ كَثِيرَ اللُّزُومِ لَهُ.
قَالَ: وَالْعَجَبُ مِنْ تَرْدِيدِ الْمُعْتَرِضِ بَيْنَ الْأَجَلِّيَّةِ وَالْأَتْقَنِيَّةِ، وَأَبُو مَنْصُورٍ إِنَّمَا عَبَّرَ بِأَجَلَّ، وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَجَلُّ مِنْ هَؤُلَاءِ، لِمَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ الصِّفَاتِ

1 / 82