110

Tunatar da Ma'abota

تذكرة الخواص‏

Nau'ikan

الواحد بن عمرو الأسدي عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح قال دخل ضرار بن ضمرة على معاوية فقال له يا ضرار صف لي عليا فقال أو تعفني قال لا أعفيك قالها مرارا فقال ضرار أما إذ لا بد فكان والله بعيد المدى شديد القوى يقول فصلا ويحكم عدلا يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل وظلمته كان والله غزير الدمعة كثير الفكرة يقلب كفه ويخاطب نفسه يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب كان والله كأحدنا يجيبنا اذا سألناه ويبتدئنا اذا أتيناه ويأتينا اذا دعوناه ونحن والله مع قربه منا ودنوه الينا لا نكلمه هيبة له ولا نبتديه لعظمه فان تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم يعظم أهل الدين ويحب المساكين لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه ليلة وقد أرخى الليل سجوفه وغارت نجومه وقد مثل قائما في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين وكأني اسمعه وهو يقول: يا دنيا غري غيري ابي تعرضت أم إلي تشوقت هيهات هيهات قد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك فعمرك قصير وعيشك حقير وخطرك كبير آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق. قال فذرفت دموع معاوية على لحيته فلم يملك ردها وهو ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء ثم قال معاوية رحم الله أبا حسن فقد كان والله كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ فقال حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها.

Shafi 113