Tunatarwa ta Fakhriyya
التذكرة الفخرية
كأنَّ به رؤدَ الشبابِ خريدةً ... قد اتخذتْ ثني السحابةِ معجرا
فثغرٌ يُرينا من بعيدٍ تبلُّجًا ... ودمعٌ يُرينا من قريبٍ تحدُّرا
وقال بعض الهاشميين:
وبدا لهُ من بعدِ ما اندمل الهوى ... برقٌ تألَّق موهنًا لمعانهُ
يبدو كحاشيةِ الرداء ودونه ... صعب الذرى متمنّع أركانهُ
فالنارُ ما اشتملتْ عليه ضلوعهُ ... والماءُ ما سمحتْ به أجفانهُ
كشاجم:
ثلج وشمس رصوبُ غاديةٍ ... فالأرضُ من كلّ جانبٍ غرَّهْ
باتتْ وقيعانُها زبرجدةٌ ... وأصبحتْ قد تحوَّلت درَّهْ
وقلت:
وصوبُ سحاب غادرَ الأرض لجّةً ... فأضحى بها ضبُّ الفلاة مُلجّجا
وأضرم فيه البرقُ شعلةَ نارهِ ... على فحمةِ الليلِ البهيمِ فأجَّجا
وسيقت به كوم السحائب حفّلًا ... وحركها حادي الرعودِ فأزعجا
وعاد بها ضوءُ النهار ولبسهُ ... ثيابُ حدادٍ تُستعار من الدجى
وألقحها مرُّ النسيم فأنزلت ... سحابًا غدا للأرضِ بالنورِ مُنهجا
فأحدق فيها النرجس الغضّ طرفَه ... ولاحَ بها خدّ الشقيقِ مضرَّجا
وأبدت لنا وردًا جنيًّا نباتهُ ... وثغرَ أقاحٍ ناضرٍ وبنفسجا
وصفّقتِ الأنهارُ فيها ومالت ال ... غصون وغنَّاها الحمام فهزّجا
وقلت:
ومزنةٍ صادقةِ الأنواءِ ... سوداء تأتي باليد البيضاءِ
تسير مثل سير ذي البطحاءِ ... تجري بنار البرق دمعَ الماءِ
تثني بها الأرض على السماءِ ... بألسنِ الصفراءِ والحمراءِ
فالأرضُ في سندسةٍ خضراء ... كأنَّها للريّ والرواءِ
أُهدي إليها الوشي من صنعاءِ
وقال أبو تمام:
ديمةٌ سمحةُ القياد سكوبُ ... مستغيثٌ بها الثرى المكروبُ
لذَّ شؤبوبها فطابَ فلو تس ... طيعُ قامتْ فعانقتها القلوبُ
آخر:
وأرَّقني برقٌ سرى في غمامةٍ ... يهيِّج أحزانَ الفؤادِ ابتسامُها
كأنَّ سناه موهنًا نارَ موقدٍ ... تلهبُ أحيانًا ويخبو ضرامُها
البحتري:
ذات ارتجازٍ بحنينِ الرعدِ ... مجرورة الذيل صَدوق الوعدِ
مسفوحة الدمعِ لغيرِ وجدِ ... لها نسيمٌ كنسيمِ الوردِ
ورنّةٌ مثلُ زئيرِ الأُسدِ ... ولمحةٌ مثلُ سيوفِ الهندِ
جاءتْ بها ريحُ الصبا من بُعدِ ... فانتثرتْ مثلَ انتثارِ العقدِ
وراحتِ الأرضُ بعيشٍ رغدِ ... كأنَّما غدرانها في الوهدِ
يلعبنَ من حبابِها بالنردِ
وقال المجد بن الظهير الإربلي في البرق وأجاد:
أإنْ شمتُ برقًا بالشآمِ لائحًا ... غدوتُ لدمعي في ثرى السفح سافحا
أتى رافعًا سترَ الظلام ومالئًا ... بأنوارهِ هضبَ الفلاةِ الأباطحا
فأدنى ثغورًا دونها كل مهمهٍ ... تظلّ به هوجُ الرياحِ طلائحا
وأقدمُ أنواعِ المسرّة قادمًا ... وعاد لزند الشوق إذ عاد قادحا
وقلت:
وساريةٍ غنَّى لها الرعد فانبرتْ ... تفضّ شؤونَ الدمعِ في كلِّ منزلِ
وطبّقت الدنيا فلم تخلُ بقعةٌ ... لما نسجتها من جنوب وشمألِ
وأضرم فيها البرق نارًا كأنَّه ... منارةُ ممسى راهبٍ متبتّلِ
إذا قدحتْ في أبيض السحب خلتها ... عصارة حنَّاءٍ بشيبٍ مرجّلِ
فجادتْ بمنهل العزالى كأنَّه ... جلاميدُ صخرٍ حطَّهُ السيلُ من علِ
وأفعمت الغدران حتّى كأنَّما ... ترائبها مصقولة كالسّجنجلِ
وأبدتْ لنا زهرًا أريجًا كأنَّه ... نسيم الصبا جاءت بريّا القرنفلِ
الزاهي في قوس قزح:
ضحك الزمان لدمعِ غيم مقبل ... ينهلّ بين شمائل وجنائبِ
وكأنَّ وجه الجوِّ نيطَ ببرقعٍ ... وكأنَّ شمس الدجن وجنةُ كاعبِ
وكأنَّ قوسَ المزنِ في تخطيطه ... شفةٌ بدتْ من تحتِ خضرة شاربِ
الحيص بيص في السحاب:
دانٍ يكادُ الوحشُ يكرعُ وسطه ... وتمسُّهُ كفُّ الوليدِ المرضعِ
متتابعٍ جمٍّ كأنَّ ركامه ... كبّاتُ أو قيصرًا وسرايا تبّعِ
فهمَى وألقى بالعراءِ بعاعهُ ... سحًّا لمندفعِ الآتيِّ المترعِ
فتساوتِ الأقطارُ من أمواهه ... فالقارةُ العلياءُ مثلُ المدفعِ
1 / 90