ليلٌ تحيَّر ما ينحطّ في جهة ... كأنه فوق متن الأرض مشكولُ
وقال العباس بن الأحنف:
أيها الراقدونَ حولي أعينو ... ني على الليلِ حسبةً واتجارا
حدثوني عن النهارِ حديثًا ... أوْ صفوهُ فقدْ نسيتُ النهارا
وقال المتنبي، وأجاد:
بئس الليالي سهرتُ من طربٍ ... شوقًا إلى منْ يبيتُ يرقدُها
أحييتُها والدموعُ تنجدني ... شؤونها والظلامُ ينجدُها
وقد جاء به ثقيلًا في الغاية في قوله:
أُحادٌ أمْ سداسٌ في أحادٍ ... لُييلتنا المنوطةُ بالتّنادِ
وقال سيدوك الواسطي:
عهدي بنا ورداءُ الوصلِ يجمعنا ... والليل أطولهُ كاللمحِ بالبصرِ
فالآن ليلَ مذ غابوا فديتهمُ ... ليلُ الضريرِ فصبحي غير منتظرِ
أنشدني السعيد تاج الدين، ﵀:
الليلُ إنْ هجرتْ كالليل إنْ وصلتْ ... أشكو من الطولِ ما أشكو من القصرِ
وأنشدني بعض أصحابنا:
من قصر الليل إذا زرتني ... أشكو وتشكين من الطولِ
عدوّ عينيك وما فيهما ... أصبحَ مشغولًا بمشغولِ
وقال الشريف البياضي:
الليل من سهري عليّ نهارُ ... يزداد طولًا والجفونُ قصارُ
أرعى نجومًا لا تغيبُ كأنّما ... أفلاكها وقفتْ فليسَ تُدارُ
وقال البحراني:
أما لهذا الليل من آخرِ ... قد بلغ التسهيد من ناظرِ
بتّ وما أعرف طيب الكرى ... ما أطولَ الليل على الساهرِ
جحظة البرمكي:
وليل في كواكبه حران ... فليسَ لطولِ مدَّتهِ انقضاءُ
عدمتُ محاسنَ الإصباحِ فيه ... كأنَّ الصبحَ جودٌ أو وفاءُ
ابن الرومي:
ربّ ليلٍ كأنهُ الدهرُ طولًا ... قد تناهى فليس فيه مزيدُ
ذي نجومٍ كأنهنّ نجومُ الشي ... ب ليستْ تزولُ لكنْ تزيدُ
العسكري:
غابوا فلم أدرِ ما أُلاقي ... مسّ من الوجد أو جنونُ
ليليَ لا يبتغي براحًا ... كأنه أدهمَ حرونُ
أُجيلُ في صفحتيه عينًا ... ما تتلاقى لها جفونُ
ابن طباطبا العلوي:
كأنّ نجومَ الليلِ سارتْ نهارها ... ووافت عشاءً وهي أنضاء أسفارِ
فخيّمن حتى تستريح ركابُها ... ولا فلكٌ جارٍ ولا كوكبٌ سارِ
آخر:
يا ليلة طالت على عاشقٍ ... منتظرٍ للصبح ميعادا
كادت تكون الحول في طولها ... إذا مضى أولها عادا
وفي قصر الليل:
يا ليلة كاد من تقاصرها ... يعثر فيها العشاء بالسحرِ
تطول في هجرنا وتقتصر في ... الوصل فما نلتقي على قدرِ
المجد بن الظهير الحنفي الإربلي:
فأنالني كل المنى بزيارةٍ ... كانت مخالسةً كخطفةِ طائرِ
فلو استطعتُ إذا خلعتُ على الدجى ... لتطول ليلتنا سواد الناظرِ
أخذه من المعري حيث قال:
يودُّ أنَّ سوادَ الليلِ دامَ لهُ ... وزيدَ فيه سوادُ القلبِ والبصرِ
إبراهيم بن العباس:
وليلةٍ من الليالي الزهرِ ... قابلت فيها بدرها ببدري
لم يكُ غير شفقٍ وفجرِ ... حتى تولت وهي بكرُ الدهرِ
كشاجم:
وليلةٍ فيها قصرْ ... عشاؤها مع السحرْ
محمد بن يزيد:
لله ليلتنا بجوّ سويقة ... والعيش غضّ والزمان غريرُ
طابت فقصّر طيبها أيامها ... فكأنما فيها السنونُ شهورُ
وقال آخر:
أرى قصرًا في الليلِ حتى كأنما ... أوائلهُ مما تداني أواخرُه
وللبغاددة من المواليا في هذا الباب أشياء حسنة منها:
بطول ليل القيامة كان ليل الهجر ... من يسهره يغتنم عندي عظيم الأجر
وليلة الوصل يزجرها التفرق زجر ... من قبل ما تذن المغرب يلوح الفجر
ولهم مما يقارب هذا المعنى:
قد اعتذر ركوب الصبح الذي فرّق ... ما بيننا ولعينو في السما درّق
وقال حبك بدا ثوب الدجى حرّق ... طلعتُ أنا وحسبت الصبح شرق
ولهم:
أيام هجرك يكون الليل مد يدي ... وفي وصالك حبابو كان مد يدي
وكوكب الصبح من بعد العشا عيدي ... خلا وصالك فرح ساعة وهو عيدي
وقال عز الدين أبو علي:
برق تبدّى للعين أم نار ... ذاعت به للغرام أسرارُ
1 / 43