ألا يا اسلمي يا ميُّ كلَّ صبيحةٍ ... وإنْ كنتُ لا ألقاكِ غيرَ لمامِ
وقال الأعشى:
ما روضةٌ من رياضِ الحزنِ معشبةٌ ... خضراءُ جادَ عليها مسبلٌ هطلُ
يضاحكُ الشمسَ منها كوكبٌ شرقٌ ... مؤزَّرٌ بعميمِ النبتِ مكتهلُ
اكتهل النبات: تم طوله وبدا نوره.
يومًا بأطيبَ منها نشرَ رائحةٍ ... ولا بأحسنَ منها إذْ دنا الأصلُ
عدي بن زيد الرقاع:
ونبه شوقي بعدما كانَ كامنًا ... هتوفُ الضحى مشعوفةٌ بالترنُّمِ
بكتْ شجوها تحتَ الدجى فتساجمت ... إليها غروب الدمع من كل مسجمِ
وبعدهما البيتان المشهوران:
فلو قبلَ مبكاها بكيتُ صبابةً
وقريب من هذا أبيات الحماسة:
لقد هتفتْ في جنحِ ليلٍ حمامةٌ ... على فننٍ تبكي وإني لنائمُ
فقلتُ اعتذارًا عند ذاكَ وإنني ... لنفسيَ فيما قد رأيتُ للائمُ
أأزعمُ أني عاشقٌ ذو صبابةٍ ... بليلى ولا أبكي وتبكي البهائمُ
كذبتُ وبيتِ الله لو كنتُ عاشقًا ... لما سبقتني بالبكاءِ الحمائمُ
يزيد بن معاوية:
إذا برزت ليلى من الخدر أبرزت ... لنا مبسمًا عذبًا وجيدًا مطوقا
كأنَّ غلامًا كاتبًا ذا براعةٍ ... تعمد نوني حاجبيها فعرقا
كأن المعري نظر على عماه إلى هذا، فقال:
ولاح هلالٌ مثلُ نونٍ أجادها ... بجاري النُّضارِ الكاتبُ ابنُ هلال
وأحقاف رمل جاذبتها وهزة ... عرتها كما هزَّ الصبا غصنَ النقا
أتت تتهادى كالقضيب فقبّلت ... يدي غلطًا منها فقبلت مفرقا
وباتت يدي طوقًا لها وابتسامها ... يريني شعاعًا آخر الليل مشرقا
فلم أرَ بدرًا طالعًا قبل وجهها ... ولا ميتًا قبلي من البين أشفقا
ذو الرمة:
ألمّا بميّ قبل أنْ تطرحَ النوى ... بنا مطرحًا أو قبلَ بينٍ يزيلها
ولو لم يكنْ إلاّ تعللَ ساعةٍ ... قليلٌ فإني نافعٌ لي قليلها
قال محمد بن سلمة الضبي: صدرت من الحج فيممت منهلًا من المناهل فرأيت في البادية بيتًا منفردًا من البيوت فقصدته وكلمت من فيه فخرجت إلي جارية متبرقعة، فقلت: يا بنية هل لك في أن تأويني من هذا الحر، فقالت: نعم وأذنت لي حر هذا اليوم الدخول، فبينما هي تحدثني وأحدثها إذ سقط البرقع عن وجهها فرأيت وجهًا لم أر أحسن منه فجعلت أكرر النظر متعجبًا فلم يكن أسرع من أن خرج علينا عجوز من خباء ملاصق لذلك الخباء، فقالت: ما جلوسك عند هذا الغزال النجدي الذي لا تأمن من خياله ولا ترجو نواله، فقالت الجارية: يا جدة دعيه يتعلل، كما قال ذو الرمة:
ولو لم يكنْ إلاّ تعلل ساعةٍ
فأقمت باقي يومي وانصرفت وفي قلبي من حبها كجمر الغضا.
قال العتبيُّ: خرجت حاجًّا فلما صرت بقباء تداعى الوفد الصقيل وإذا جارية كأن وجهها السيف الصقيل فلما أرميناها بالحدق ألقت البرقع على وجهها، فقلت لها: إنا سفرٌ وفينا أجرٌ فأمتعينا بالنظر إلى وجهك فانصاعت وأنا أغرف الضحك في وجهها وأنشدت:
وكنتَ متى أرسلتَ طرفك رائدًا ... لقلبك يومًا أتعبتك المناظرُ
رأيتَ الذي لا كله أنتَ قادرٌ ... عليه ولا عن بعضه أنت صابرُ
توبة بن الحمير، صاحب ليلى الأخيلية:
ولو أنَّ ليلى الأخيليةَ سلمتْ ... عليَّ ودوني جندلٌ وصفائحُ
لسلمتُ تسليمَ البشاشةِ أوزقا ... إليها صدىً من جانبِ القبرِ صائحُ
وأُغبطُ من ليلى بما لا أنالهُ ... ألا كلُّ ما قرت به العينُ صالحُ
آخر:
ديار تنسمتُ المنى نحو أرضها ... وطاوعني فيها الهوى والحبائبُ
ليالي لا الهجران محتكم بها ... عليَّ وضل من أهوى ولا الظنُ كاذب
محمد بن يزيد الأموي:
لا وحبيك لا أصا ... لح بالدمع مدمعا
من بلى حبه استرا ... ح وإنْ كانَ موجعا
أبو حية النميري:
كفى حزنًا أني أرى الماء معرضًا ... لعيني ولكنْ لا سبيلَ إلى الوِردِ
وما كنتُ أخشى أنْ تكونَ منيتي ... بكفِّ أعزِّ الناسِ كلهم عندي
السيد الرضي:
يا سرحةً بالحزن لم ... يبللْ بغيرِ دمي ثراها
ممنوعةً لا ظلُّها ... يدنو إليّ ولا جناها
مروان بن أبي حفصة:
1 / 13