فعلمنا أنه لا ينسخ الكتاب بالسنة. وأجزنا ما سوى ذلك مما ذكرناه.
والحجة في الأخبار ما أوجبه العلم من جهة النظر فيها بصحة مخبرها ونفي الشك فيه والارتياب، وكل خبر لا يوصل بالاعتبار إلى صحة مخبره، فليس [7 / أ] بحجة في الدين، ولا يلزم به عمل على حال.
والأخبار التي يجب العلم بالنظر فيها على ضربين:
أحدهما: التواتر المستحيل وروده بالكذب من غير تواطؤ على ذلك، أو ما يقوم مقامه في الاتفاق.
والثاني: خبر واحد يقترن إليه ما يقوم مقام التواتر في البرهان على صحة مخبرة وارتفاع الباطل منه والفساد.
والتواتر الذي وصفناه هو ما جاءت به الجماعات البالغة في الكثرة والانتشار إلى حد قد منعت العادة في اجتماعهم على الكذب بالاتفاق كما يتفق لاثنين أن يتواردا بالإرجاف. وهذا حد يعرفه كل من. عرف العادات.
وقد يجوز أن ترد جماعة دون من ذكرناه في العدد، بخبر يعرف من شاهدهم بروايتهم (1) ومخارج كلامهم، وما يبدوا في ظاهر وجوههم، ويبين من قصودهم إنهم لم يتواطئوا، لتعذر التعارف بينهم والتشاور، فيكون العلم بما ذكرناه من حالهم دليلا على صدقهم، ودافعا للإشكال في خبرهم، وإن لم يكونوا من (2) الكثرة على ما قدمناه.
فأما خبر الواحد القاطع للعذر، فهو الذي يقترن إليه دليل يفضي بالناظر فيه إلى العلم بصحة مخبره، وربما كان الدليل حجة من عقل، وربما كان شاهدا من عرف، وربما كان إجماعا بغير خلف فمتى خلا خبر الواحد من دلالة يقطع بها على صحة مخبره، فإنه كما قدمناه ليس بحجة، ولا
Shafi 44