بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسبحان الله وبحمده ، تقدس في علوه وجلاله وتعالى في صفات كماله وتعاظم في سبحات فردانيته وجماله وتكرم في إفضاله وجمال تواله ، جل أن يمثل بشيء من مخلوقاته، أو يحاط به، بل هو المحيط بمبتدعاته، لا تصوره الأوهام، ولا تقله الأجرام، ولا يعقل كنه ذاته البصائر ولا الأفهام
Shafi 19
الحمد لله مؤيد الحق وناصره، ودافع الباطل وكاسره ومعز الطائع وجابره ومذل الباغي وداثره ، الذي سعد بحظوة الاقتراب من قدسه من قام بأعباء الاتباع في بنيانه وأسه، وفاز بمحبوبيته في ميادين أنسه من بذل ما يهواه في طلبه من قلبه وحسه، وتثبت في مهامه الشكوك منتظرا زوال لبسه سبحانه وبحمده له المثل الأعلى ، والنور الأتم الأجلي ، والبرهان الظاهر في الشريعة المثلي
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي شهدت لوحدانيته الفطر، وأسلم لربوبيته ، ذوو العقل والنظر، وظهرت أحكامه في الآي والسور وتم اقتداره في تنزل القدر
وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله الذي شهدت بنبوته الهواتف والأحبار، فكان قبل ظهوره ينتظر، وتلاحقت عند مبعثه معجزاته من حنين الجذع وأنقياد الشجر صلوات الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الخشية والحذر ، والعلم المنور ، فهم قدوة التابع للأثر
Shafi 20
وبعد:
فهذه رسالة سطرها العبد الضعيف الراجي رحمة ربه وغفرانه، وكرمه وامتنانه : أحمد بن إبراهيم الواسطي ، عامله الله بما هو أهله ، فإنه أهل التقوى وأهل المغفرة
إلى إخوانه في الله السادة العلماء، والأئمة الأتقياء ، ذوي العلم النافع، والقلب الخاشع والنورالساطع ، الذين كساهم الله كسوة الأتباع، وأرجو من كرمه أن يحققهم بحقائق الانتفاع:
السيد الأكل العالم، الفاضل فخر المحدثين ومصباح المتعبدين، المتوجه إلى رب العالمين ، تقي الدين أبي حفص عمر بن عبدالله بن عبد الأحد بن شقير
والشيخ الأجل، العالم الفاضل السالك الناسك ذي العلم والعمل، المكتسي من الصفات الحميدة أجمل الحلل، الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الأحد الآمدي
Shafi 21
والسيد الأخ، العالم الفاضل، السالك الناسك التقي الصالح، الذي سيماء نور قلبه لائح على صفحات وجهه ، شرف الدين محمد ابن المنجي
والسيد الأخ، الفقيه العالم النبيل، الفاضل فخرالمحصلين، زين الدين ، عبد الرحمن بن محمود بن عبيدان البعلبكي
والسيد الأخ العالم الفاضل، السالك الناسك، ذي اللب الراجح والعمل الصالح، والسكينة الوافرة ، والفضيلة الغامرة، نور الدين محمد بن محمد بن محمد بن الصائغ
وأخيه السيد الأخ، العالم التقي الصالح، الخير الدين، العالم الثقة، الأمين الراجح ، ذي السمت الحسن والدين المتين في اتباع السنن، فخر الدين محمد
Shafi 22
والأخ العزيز الصالح، الطالب لطريق ربه ، والراغب في مرضاته وحبه ، العالم الفاضل، الولد شرف الدين محمدابن سعد الدين سعد الله بن نجيح
وغيرهم من اللائذين بحضرة شيخهم وشيخنا السيد الإمام ، الأمة الهمام، محيي السنة، وقامع البدعة ، ناصر الحديث ، مفتي الفرق ، الفائق عن الحقائق، وموصلها بالأصول الشرعية للطالب الذائق، الجامع بين الظاهر والباطن فهو يقضي بالحق ظاهرا، وقلبه في العلى قاطن، أنموذج الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، الذين غابت عن القلوب سيرهم ، ونسيت الأمة حذوهم وسبلهم ، فذكرهم بها الشيخ ؛ فكان في دارس نهجهم سالكا، ولموات حذوهم محييا، ولأعنة قواعدهم مالكا : الشيخ الإمام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية ، أعاد الله علينا بركته، ورفع إلى مدارج العلى درجته، وأدام توفيق السادة المبدئ بذكرهم
Shafi 23
السلام عليكم معشر الإخوان ورحمة الله وبركاته ، جعلنا لله وإياكم ممن ثبت على قرع نوائب الحق جأشه ، واحتسب لله ما بذله من نفسه في إقامة دينه ، وما احتوشته من ذلك وحاشه، واحتذى حذو السبق الأولين ، من المهاجرين والأنصار، والذين لم تأخذهم في الله لومة لائم، فما ضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، مع قلة عددهم في أول الأمر، فكانوا - مع ذلك - كل منهم مجاهد بدين الله قائم ، ونرجو من كرم الله تعالى أن يوفقنا لأعمالهم، ويرزق قلوبنا قسطا من أحوالهم، وينظمنا في سلكهم، تحت سجفهم ولوائهم، مع قائدهم وإمامهم سيد المرسلين ، و إمام المتقين، محمد صلوات الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
Shafi 24
أذكركم - رحمكم الله - بما أنتم به عالمون ، عملا بقوله تعالى : وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين
وأبدأ من ذلك بأن أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله ، وهي وصية الله تعالى إلينا وإلى الأمم من قبلنا، كما بين سبحانه وتعالى قائلا وموصيا: ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أني اتقوا الله
وقد علمتم تفاصيل التقوى على الجوارح والقلوب، بحسب الأوقات والأحوال : من الأقوال ، والأعمال، والإرادات، والنيات
Shafi 25
وينبغي لنا جميعا أن لا نقنع من الأعمال بصورها حتى نطالب قلوبنا بين يدي الله تعالي بحقائقها ؛ ومع ذلك فلتكن لنا همة علوية، تترامى إلى أوطان القرب، ونفحات المحبوبية والحب، فالسعيد من حظي من ذلك بنصيب ، وكان مولاه منه على سائر الأحوال قريبا بخصوص التقريب، فيكتسي العبد من ذلك ثمرة الخشية والتعظيم ، للعزيز العظيم ، فالحب والخشية ثابتان في الكتاب العزيز والسنة المأثورة ، قال تعالى : ويحبهم ويحبونه والذين آمنوا أشد حبا لله و وقال تعالى : وإنما يخشى الله من عباده العلماء وفي الحديث أسألك حبك وحب من أحبك وحب عمل يقربني إلى حبك » وفي الحديث: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرة، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله
ومعلوم أن الناس يتفاوتون في مقامات الحب والخشية ، في مقام أعلى من مقام ، ونصيب أرفع من نصيب فلتكن هم أحدنا من مقامات الحب والخشية أعلاه ، ولا يقنع إلا بذروته وذراه ، فالهمم القصيرة تقنع بأيسر نصيب
Shafi 26
ذلك ما هو دونه من الفضائل ، والعاقل لا يقنع بأمر مفضول عن حال فاضل، ولتكن الهمة منقسمة على نيل المراتب الظاهرة،وتحصيل المقامات الباطنة، فليس من الإنصاف الانصباب إلى الظواهر والتشاغل عن المطالب العلوية ذوات الأنوار البواهر
وليكن لنا جميعا بين الليل والنهار ساعة ، نخلو فيها بربنا جل اسمه وتعالى قدسه، نجمع بين يديه في تلك الساعة همومنا ونطرح أشغال الدنيا من قلوبنا، فنزهد فيما سوى الله ساعة من نهار، فبذلك يعرف الإنسان حاله مع ربه ، فمن كان له مع ربه حال تحركت في تلك الساعة عزائمه، وابتهجت بالمحبة والتعظيم سرائره، وطارت إلى العلى زفراته وكوامنه ، وتلك الساعة أنموذج لحالة العبد في قبره، حين خلوه عن ماله وحبه ، فمن لم يخل قلبه لله ساعة من نهار، لما احتوشه من الهموم الدنيوية وذوات الآصار فليعلم أنه ليس له ثم رابطة علوية ، ولا نصيب من المحبة ولا المحبوبية ، فليبك على نفسه ، ولا يرضى منها إلا بنصيب من قرب ربه وأنسه
Shafi 27
فإذا حصلت لله تلك الساعة، أمكن إيقاع الصلوات الخمس على نمطها من الحضور والخشوع، والهيبة للرب العظيم في السجود والركوع.
فلا ينبغي لنا أن نبخل على أنفسنا في اليوم والليلة من أربع وعشرين ساعة بساعة واحدة لله الواحد القهار ، نعبده فيها حق عبادته ، ثم نجتهد على إيقاع الفرائض على ذلك النهج في رعايته ، وذلك طريق لنا جميعا إن شاء الله تعالى إلى النفوذ، فالفقيه إذا لم ينفذ في علمه حصل له الشطر الظاهر ، وفاته الشطر الباطن، لاتصاف قلبه بالجمود، وبعده في العباد والتلاوة عن لين القلوب والجلود، كما قال تعالى وتقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله وبذلك يرتقي الفقيه عن فقهاء عصرنا، ويتميز به عنهم ، فالنافذ من الفقهاء له البصيرة المنورة، والذوق الصحيح، والفراسة الصادقة والمعرفة التامة ، والشهادة على غيره بصحيح الأعمال وسقيمها، ومن ينفذ لم تكن له هذه الخصوصية وأبصر بعض الأشياء وغاب عنه بعضها
Shafi 28
فيتعين علينا جميع طلب النفوذ إلى حضرة قرب المعبود، ولقائه بذوق الإيقان ، لنعبده كأننا نراه كما جاء في الحديث
وبعد ذلك الحظوة في هذه الدار بلقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم غيبا في غيب، وسرا في سر، بالعكوف على معرفة أيامه وسننه واتباعها، فتبقى البصيرة شاخصه إليه ، تراه عيانا في الغيب، كأنها معه صلى الله عليه وسلم ، وفي أيامه، فيجاهد على دينه ويبذل ما استطاع من نفسه في نضرته
Shafi 29
وكذلك من سلك في طريق النفوذ يرجى له أن يلقى ربه بقلبه غيبا في غيب ، وسرا في سر، فيرزق القلب قسطا من المحبة والخشية ، والتعظيم اليقيني ، فيرى الحقائق بقلبه من وراء ستر رقيق ، وذلك هو المعبر عنه بالنفوذ، ويصل إلى قلبه من وراء ذلك الستر ما يغمره من أنوار العظمة، والجلال ، والبهاء والكمال ، فيتنور العلم الذي اكتسبه العبد، ويبقى له كيفية أخرى زائدة على الكيفية المعهودة من البهجة والأنوار والقوة في الإعلان والإسرار
فلا ينبغي لنا أن نتشاغل عن نيل هذه الموهبة السنية بشواغل الدنيا وهمومها، فننقطع بذلك كما تقدم بالشيء المفضول عن الأمر المهم الفاضل، فإذا سلكنا في ذلك برهة من الزمان ، ورزقنا الله تعالي نفوذا وتمكنا في ذلك النفوذ فلا تعود هذه العوارض الجزئيات الكونيات تؤثر فينا إن شاء الله تعالى ، وليكن شأن أحدنا اليوم : التعديل بين المصالح الدنيوية والفضائل العلمية ، والتوجهات القلبية، ولا يقنع أحدنا بأحد هذه الثلاثة عن الآخرين ، فيفوته المطلوب ومتى اجتهد في التعديل فإنه - إن شاء الله تعالى - بقدر ما يحصل للعبد جزء من أحدهم، حصل جزءا من الآخر، ثم بالصبر على ذلك تجتمع الأجزاء المحصلة، فتصير مرتبة عالية عند النهاية - إن شاء الله تعالي -
هذا وإن كنتم - أيدكم الله تعالي - بذلك عالمين، لكن الذكرى تنفع المؤمنين
فصل : أحوال أصحاب شيخ الإسلام
Shafi 30
واعلموا أيدكم الله - أنه يجب عليكم أن تشكروا ربكم تعالى في هذا العصر، حيث جعلكم بين جميع أهل هذا العصر كالشامة البيضاء في الحيوان الأسود ، لكن من لم يسافر إلى الأقطار، ولم يتعرف أحوال الناس، لا يدري قدر ما هو فيه من العافية ، فأنتم - إن شاء الله تعالى - في حق هذه الأمة الأولى كما قال تعالى : وكنتم خير أمة أخرجت للناس ، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله وكما قال تعالى : والذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور
أصبحتم إخواني تحت سنجق رسول الله صلى الله - إن شاء الله تعالى - مع شيخكم وإمامكم، وشيخنا وإمامنا المبدوء بذكره رضي الله عنه ، قد تميزتم عن جميع أهل الأرض، فقهائها وفقرائها، وصوفيتها، وعوامها بالدين الصحيح
Shafi 31
وقد عرفتم ما أحدث الناس من الأحداث، في الفقهاء والفقراء والصوفية والعوام ، فأنتم اليوم في مقابلة الجهمية من الفقهاء، نصرتم الله ورسوله في حفظ ما أضاعوه من دين الله ، تصلحون ما أفسدوه من تعطيل صفات الله
وأنتم ايضا في مقابلة من لم ينفذ في علمه من الفقهاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجمد على مجرد تقليد الأئمة فإنكم قد نصرتم الله ورسوله في تنفيذ العلم إلى أصوله من الكتاب والسنة، واتخاذ أقوال الأئمة، تأسيا بهم لا تقليدا لهم
Shafi 32
وأنتم أيضا في مقابلة ما أحدثته أنواع الفقراء من الأحمدية والحريرية من إظهار شعار المكاء والتصدية ومؤاخاة النساء والصبيان، والإعراض عن دين الله إلى خرافات مكذوبة عن مشايخهم، واستنادهم إلى شيوخهم وتقليدهم في صائب حركاتهم وخطئها وإعراضهم عن دين الله الذي أنزله من السماء فأنتم بحمد الله تجاهدون هذا الصنف ايضا كما تجاهدون من سبق حفظتم من دين الله ما أضاعوه وعرفتم ما جهلوه، تقومون من الدين ما عوجوه، وتصلحون منه ما أفسدوه ، وأنتم أيضا في مقابلة رسمية الصوفية والفقهاء وماأحدثوه من الرسوم الوضعية، والآصار الابتداعية ، من التصنع باللباس والإطراق والسجادة لنيل الرزق من المعلوم، ولبس البقيار والأكمام الواسعة في حضرة الدرس، وتنميق الكلام، والعدو بين يدي المدرس راكعين حفظا للمناصب، واستجلابا للرزق والادرار
Shafi 33
فخلط هؤلاء في عبادة الله غيره وتألهوا سواه ففسدت قلوبهم من حيث لا يشعرون ، يجتمعون لغير الله ، بل للمعلوم ، ويلبسون للمعلوم، وكذلك في أغلب حركاتهم يراعون ولاة المعلوم ، فضيعوا كثيرا من دين الله وأماتوه، وحفظتم أنتم ما ضيعوه، وقومتم ما عوجوه
وكذلك أنتم في مقابلة ما أحدثته الزنادقة من الفقراء والصوفية من قولهم بالحلول والاتحاد، وتأله المخلوقات كاليونسية، والعربية، والصدرية، والسبعينية والتلمسانية
فكل هؤلاء بدلوا دين الله تعالى وقلبوه، وأعرضوا عن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فاليونسية يتألهون شيخهم، ويجعلونه مظهرة للحق، ويستهينون بالعبادات ، ويظهرون بالفرعنة والصولة والسفاهة والمحالات، لما وقر في بواطنهم من الخيالات الفاسدة ، وقبلتهم الشيخ يونس
Shafi 34
ورسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن المجيد عنهم بمعزل ، يؤمنون به بألسنتهم ، ويكفرون به بأفعالهم.
وكذلك الاتحادية ، يجعلون الوجود مظهرا للحق باعتبار أن لا متحرك في الكون سواه ، ولا ناطق في الأشخاص غيره وفيهم من لا يفرق بين الظاهر والمظهر ، فيجعل الأمر كموج البحر، فلا يفرق بين عين الموجة وبين عين البحر، حتى إن أحدهم يتوهم أنه الله ، فينطق على لسانه ، ثم يفعل ما أراد من الفواحش والمعاصي لأنه يعتقد ارتفاع الثنوية فمن العابد ومن المعبود؟ صار الكل واحدا
اجتمعنا بهذا الصنف في الربط والزوايا
Shafi 35
فأنتم بحمد الله قائمون في وجه هؤلاء ايضا تنصرون الله ورسوله وتذبون عن دينه، وتعملون على إصلاح ما أفسدوا وعلى تقويم ما عوجوا فإن هؤلاء ممحوا رسم الدين ، وقلعوا أثره، فلا يقال : أفسدوا ولا عوجوا بل بالغوا في هدم الدين ومحو أثره ولا قربة أفضل عند الله من القيام بجهاد هؤلاء بمهما أمكن، وتبيين مذاهبهم للخاص والعام وكذلك جهاد كل من ألحد في دين الله وزاغ عن حدوده وشريعته ، كائنا في ذلك ما كان من فتنة وقول ، كما قيل
إذا رضي الحبيب فلا ابالي
أقام الحي أم جد الرحيل
وبالله المستعان
وكذلك أنتم بحمد الله قائمون بجهاد الأمراء والأجناد تصلحون ما أفسدوا من المظالم والإجحافات ، وسوء السيرة الناشئة عن الجهل بدين الله ، بما أمكن، وذلك لبعد العهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن اليوم له سبع مئة سنة، فأنتم بحمد الله تجددون ما دثر من ذلك ودثر.
Shafi 36
وكذلك أنتم بحمد [الله ] قائمون في وجوه العامة ، مما أحدثوا من تعظيم الميلادة ، والقلندس، وخميس البيض والشعانين وتقبيل القبور والأحجار، والتوسل عندها
ومعلوم أن ذلك كله من شعائر النصارى والجاهلية ،وإنما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليوحد الله ويعبد وحده ، ولا يؤله معه شيء من مخلوقاته بعثه الله تعالى ناسخا لجميع الشرائع والأديان والأعياد، فأنتم بحمد الله قائمون بإصلاح ما أفسد الناس من ذلك
Shafi 37
وقائمون في وجوه من ينصر هذه البدع من مارقي الفقهاء، أهل الكيد والضرار لأولياء الله ، أهل المقاصد الفاسدة ، والقلوب التي هي عن نصر الحق حائدة وانما أعرض هذا الضعيف عن ذكر قيامكم في وجوه التتر والنصارى، واليهود ، والرافضة ، والمعتزلة ، والقدرية ، وأصناف أهل البدع والضلالات لأن الناس متفقون على ذمهم ، يزعمون أنهم قائمون برد بدعتهم، ولا يقومون بتوفية حق الرد عليهم كما تقومون ، بل يعلمون ويجبنون عن اللقاء فلا يجاهدون، وتأخذهم في الله اللائمة ، لحفظ مناصبهم ، وإبقاء على أعراضهم
سافرنا البلاد فلم نر من يقوم بدين الله في وجوه مثل هؤلاء - حق القيام - سواكم ، فأنتم القائمون في وجوه هؤلاء إن شاء الله ، بقيامكم بنصرة شيخكم وشيخنا - أيده الله - حق القيام بخلاف من ادعى من الناس أنهم يقومون بذلك
فصبرا يا إخواني على ما أقامكم الله فيه من نصرة دينه وتقويم اعوجاجه وخذلان اعدائه واستعينوا بالله ولا تاخذكم فيه لومة لائم، وإنما هي أيام قلائل، والدين منصور، قد تولى الله إقامته ونصره، وتصرة من قام به من أوليائه إن شاء الله ، ظاهرا وباطنا
وابذلوا فيما أقمتم فيه ما أمكنكم من الأنفس والأموال والأفعال، والأقوال، عسى أن تلحقوا بذلك بسلفكم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقد عرفتم ما لقوا في ذات الله ، كما قال خبيب حين صلب على الجذع
وذلك في ذات الإله، وإن يشأ
يبارك على أوصال شلو ممزع
Shafi 38