الثَّاني: فأشار (أ) إلى قوله ﷺ: "بعثت بالحنفية السَّمحة السَّهلة" (١) وقوله ﷺ: "الدين يُسر" (٢) ولا يعلم في الأديان أسمح من دينه ﷺ، يعرف ذلك من استقرى الأديان.
ويكفي من ذلك قوله ﷿: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [سورة البقرة: ١٨٥] ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ [سورة المائدة: ٦] ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ﴾ [سورة الأنفال: ٦٦] ﴿ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [سورة البقرة: ١٧٨] مع قوله ﷿: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ [سورة الأعراف: ١٥٧] قيل: كانت بنو إسرائيل يقرضون مَحَلَّ البول من جلودهم إذا أصابهم، ولا يُجزِئُهم غسله، وإذا أتى أحدهم ذنبا أصبح مكتوبًا على باب داره، فيقام عليه حده، وكانت توبتهم بقتل أنفسهم، وكان موجب القتل عندهم القصاص عينا ولا يقبل الدية. وفي الصحيح "فضلنا على الأمم بخمس" (٣) الحديث كل هذا ونحوه من سماحة هذا الدين وتشديد غيره.
قوله: "صلوات الله عليه وعلى سائر النبيين والمرسلين" أي باقيهم اشتقاقًا لها من السؤر بالهمزة، وهو بقية الماء ونحوه في إناء وغيره،