اللوازم هى الهيئات العلمية. ولو أنها كانت موجودة فى ذهنك لم يكن وجودها فى غير ذهنك غير معقوليتها. فإذ قد صدرت عن واجب الوجود بذاته مجردة فوجودها معقوليتها. لو أنها حصلت فى ذهنك كان نفس وجودها عقليتك لها ، وما كان يجب أن توجد أولا ثم تعقلها ، بل نفس وجودها فى ذهنك نفس معقوليتها.
الحس يعنى به الإدراك الحسى ، والعقل يعنى به الإدراك العقلى ، أى انتقاش الصورة المعقولة فى العقل ، وهو نفس الإدراك ، كما أن انتقاش المحسوس فى الحس هو نفس الإدراك الحسى. فإذا تصور الشىء فى العقل فنفس حصوله فى العقل هو نفس العقل.
الإدراك ليس هو بانفعال ما لمدرك ، لأن المدرك لا تتغير ذاته من حيث هو مدرك بل تتغير أحواله وأحوال آلته.
الأول يعرف كل شىء من ذاته لا على أن تكون الموجودات علة لعلمه بل علمه علة لها مثل أن يكون البناء يبدع فى الذهن صورة بيت فيبنيه على ما فى الذهن فلولا تلك الصورة المتصورة من البيت فى الذهن لم يكن للبيت وجود ، فلم تكن صورة البيت علة لعلم البناء به. وما يكون بخلاف ذلك فإنه كالسماء التي هى علة لعلمنا بها ، فإن وجودها علة لعلمنا بها. وقياس الموجودات إلى علمه كقياس الموجودات التي نستنبطها بأفكارنا ثم نوجدها فإن الصورة الموجودة من خارج علتها الصورة المبدعة فى أذهاننا ولكن البارى لم يكن يحتاج معه إلى استعمال آلة وإصلاح مادة بل كما نتصور نحن وجود الشىء بحسب التصور. وأما نحن فنحتاج مع التصور إلى استعمال آلات ونحتاج إلى شوق إلى تحصيل ذلك المتصور وطلب لتحصيلها. والأول غني عن كل هذا. وشبه طاعة المواد والموجودات لتصوره سبحانه بأن يتصور شيئا! فإذا حصل منا الإجماع لطلبه انبعثت القوة التي فى العضلات إلى تحريك الآلات من دون استعمال آلة أخرى فى تحريك الآلات. وهذا معنى قوله «كن فيكون».
الله يوجد الشىء على ما يتمثله. فما يوجد فيه زمان يكون قد تصوره على أنه يكون فى زمان بعد زمان كذا ، مثال ذلك : أنه إذا علم أن الشمس كلما كانت فى الحمل فى درجة فإنها تنتهى إلى آخرها فى مدة كذا ، أى فى زمان قدره كذا فتصوره للأشياء
Shafi 192