نعرف تلك الهيئات والصور التي هى متناهية مع النسب التي بينها التي هى غير متناهية ، وكان يسقط إدراك العلم بغير المتناهى. فهكذا يجب أن نتصور علم البارى وأنه يعلم الأشياء الغير متناهية لأن الصور لا محالة متناهية ، والنسب التي بينها موجودة له معلومة وإن كانت فى ذواتها غير متناهية فهو يعلمها كلها متناهية.
لوازم البارى غير متناهية إلا اللازم الأول ، وهو ما عقله من ذاته من العقل الأول.
فأما اللوازم التي (43 ا) بعده فهى بوساطته وتترتب لازما بعد لازم ، وهى غير متناهية. واللازم الأول هو اللازم بالحقيقة وهذه الأخر هى لوازم لازمه. لا تتقوم الذات باللازم ، بل الذات توجب اللازم وتقتضيه ، فهى علته وبها وجوده.
قوله : «علة بذاته للخير والكمال بحسب الإمكان» معناه أن إمكان الخير والكمال فى الموجودات عنه مختلف. فإن إمكان الخير والكمال فى العقول والأبديات هو بخلاف إمكانه فى الكائنة الفاسدة وكل شيء يقبل الخير والكمال بحسب ما فى حده.
الصور المادية من حيث هى صور فعل ، وإمكان وجود هذه الصور فى أشياء أخر ، فإذن هى ممكنة الوجود. والصور المفارقة هى فعل ، وليس فيها قوة ولم تكن وقتا بالقوة بل كانت لم تزل فعلا ، ولا يصح أن تلابس المادة بوجه. فإذن إمكان وجودها فى ذاتها ، ومعنى إمكان وجودها حاجتها إلى موجدها إلا أن إمكان وجودها فى أشياء أخر كالحال فى تلك الصور الأخرى.
كيف يكون إمكان الوجود فى الأشياء القائمة بذاتها التي ليست فى موضوع ولا من موضوع؟ والقوة فى الأبديات؟
إمكان الوجود قد يكون مخالطا للعدم ، وهو المقارن للمادة ، وما هو باعتبار الشىء فى نفسه وموضوعه. وماهية الشيء التي لها بذاتها أن تكون ممكنة لا واجبة ولا ممتنعة ، ولها من جهة العلة : الوجود ، ومن جهة أن لا علة : الامتناع.
إن قيل : ما يكون فعلا كيف يكون قوة؟ قلنا : إن الإمكان بإزاء الوجوب.
إضافة عقلية البارى إلى الموجودات إضافة مخصصة ، وهى إضافة أنها معقولة له ، فإنها تفيض عنه معقولة لا تفيض عنه فيعقلها بعد فإنها لا محالة معلولة ذاته ، وهو يعقل ذاته ولوازم ذاته. ثم إن كان يعقلها من حيث هى موجودة لا من ذاته فلا يخلو إما أن يكون مبدءا لها فلا يعقل ذاته ولا لوازمه ، فيكون إدراكه لها عند وجودها وهذا محال. أو لا يكون مبدءا لها ، وهذا أيضا أشد إحالة.
Shafi 124