باب من التعازي
وهو أكثر ما تكلم فيه الناس، لأنه لم يعر أحد من مصيبة بحميم، ذلك قضاء الله على خلقه. فكل تكلم إما متعزيًا وإما معزيًا، وإما متصبرًا محتسبًا.
قال أبو الحسن المدائني: كانت العرب في الجاهلية وهم لا يرجون ثوابًا ولا يخشون عقابًا يتحاضون على الصبر، ويعرفون فضله، ويعيرون بالجزع أهله، إيثارًا للحزم وتزينًا بالحلم، وطلبًا للمروءة، وفرارًا من الاستكانة إلى حسن العزاء، حتى إن كان الرجل منهم ليفقد حميمه فلا يعرف ذلك فيه. يصدق ذلك ما جاء في أشعارهم، ونثي من أخبارهم. قال دريد بن الصمة في مرثيته أخاه عبد الله: الطويل
قليل التّشكّي للمصيبات حافظٌ ... مع اليوم أدبار الأحاديث في غد
صبا ما صبا حتّى إذا شاب رأسه ... وأحدث حلمًا قال للباطل ابعد
1 / 42