الْبَاب الْحَادِي عشر
قَوْلهم فِي الرُّؤْيَة
أَجمعُوا على أَن الله تَعَالَى يرى بالأبصار فِي الْآخِرَة وَأَنه يرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ دون الْكَافرين لِأَن ذَلِك كَرَامَة من الله تَعَالَى لقَوْله ﴿للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة﴾
وجوزوا الرُّؤْيَة بِالْعقلِ وأوحبوها بِالسَّمْعِ وَإِنَّمَا جَازَ فِي الْعقل لِأَنَّهُ مَوْجُود وكل مَوْجُود فَجَائِز رُؤْيَته إِذا وضع الله تَعَالَى فِينَا الرُّؤْيَة لَهُ وَلَو لم تكن الرُّؤْيَة جَائِزَة عله لَكَانَ سُؤال مُوسَى ﵇ أَرِنِي أنظر إِلَيْك جهلا وَكفرا وَلما علق الله تَعَالَى الرُّؤْيَة بشريطة اسْتِقْرَار الْجَبَل بقوله ﴿فَإِن اسْتَقر مَكَانَهُ فَسَوف تراني﴾ وَكَانَ مُمكنا فِي الْعقل استقراره لَو أقره الله وَجب أَن تكون الرُّؤْيَة الْمُعَلقَة بِهِ جَائِزَة فِي الْعقل مُمكنَة فَإِذا ثَبت جَوَازه فِي الْعقل ثمَّ جَاءَ السّمع بِوُجُوبِهِ بقوله ﴿وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة﴾ وَقَوله ﴿كلا إِنَّهُم عَن رَبهم يَوْمئِذٍ لمحجوبون﴾ وَقَوله ﴿للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة﴾ وَجَاءَت الرِّوَايَة بِأَنَّهَا الرُّؤْيَة وَقَالَ النَّبِي ﷺ
إِنَّكُم سَتَرَوْنَ ربكُم كَمَا ترَوْنَ الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر لَا تضَامون فِي رُؤْيَته يَوْم الْقِيَامَة وَالْأَخْبَار فِي هَذَا مَشْهُورَة متواترة وَجب القَوْل بِهِ وَالْإِيمَان والتصديق لَهُ وَمَا تأولت النافية لَهَا فمستحيل كَقَوْلِهِم فِي ﴿أَرِنِي أنظر إِلَيْك﴾ سُؤال
1 / 42