الْحمار وَيَأْتِي مدعاة الضَّعِيف وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ لقد أدْركْت سبعين بَدْرِيًّا مَا كَانَ لباسهم إِلَّا الصُّوف
فَلَمَّا كَانَت هَذِه الطَّائِفَة بِصفة أهل الصّفة فِيمَا ذكرنَا ولبسهم وزيهم زِيّ أَهلهَا سموا صَفِيَّة وصوفية
وَمن نسبهم إِلَى الصّفة والصف الأول فَإِنَّهُ عبر عَن أسرارهم وبواطنهم وَذَلِكَ أَن من ترك الدُّنْيَا وزهد فِيهَا وَأعْرض عَنْهَا صفى الله سره وَنور قلبه قَالَ النَّبِي ﷺ اذ دخل النُّور فِي الْقلب انْشَرَحَ وَانْفَسَحَ قيل وَمَا عَلامَة ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ التَّجَافِي عَن دَار الْغرُور والإنابة إِلَى دَار الخلود والاستعداد للْمَوْت قبل نُزُوله فَأخْبر النَّبِي ﷺ أَن من نجافي عَن الدُّنْيَا نور الله قلبه وَقَالَ حارثه حِين سَأَلَهُ النَّبِي ﷺ مَا حَقِيقَة إيمانك قَالَ عزفت بنفسي عَن الدُّنْيَا فأظمأت نهاري وأسهرت ليلِي وَكَأَنِّي أنظر إِلَى عرش رَبِّي بارزا وَكَأَنِّي أنظر إِلَى أهل الْجنَّة يتزاورون وَإِلَى أهل النَّار يتعادون
فَأخْبر أَنه لما عزف عَن الدُّنْيَا نور الله قلبه فَكَانَ مَا غَابَ مِنْهُ بِمَنْزِلَة مَا يُشَاهِدهُ وَقَالَ النَّبِي ﷺ من أحب أَن ينظر إِلَى عبد نور الله قلبه فَلْينْظر إِلَى حَارِثَة فَأخْبر أَنه منور الْقلب
وَسميت هَذِه الطَّائِفَة نورية لهَذِهِ الْأَوْصَاف
وَهَذَا أَيْضا من أَوْصَاف أهل الصّفة قَالَ الله تَعَالَى ﴿فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَالله يحب المطهرين﴾
والتطهر بالظواهر عَن الأنجاس وبالبواطن عَن الأهجاس وَمَا يَتَحَرَّك فِي الضَّمِير من الخواطر
1 / 23