Abinci a Duniyar Da
الطعام في العالم القديم
Nau'ikan
كان معدل استهلاك اللحوم أقل لدى المواطنين الفقراء بالتأكيد؛ نظرا لأن سعر اللحوم كان بالضرورة أعلى من سعر الفاكهة والخضراوات والحبوب والبقول بسبب الاستخدام غير الرشيد للطاقة في تربية الحيوانات. وكان أغلب المواطنين يعيشون على الأطعمة النباتية لمعظم أيام العام، وكانت المدينة ذات الحكم الذاتي تقدم لهم اللحوم في أيام الأعياد، وكان المواطنون الأغنياء يمدونهم بكميات إضافية حينما كانوا يرغبون في إطعام عامة الناس سعيا وراء غايات سياسية معينة. ويمثل أريستوفان نشاط إطعام المواطنين هذا في مسرحيته «الفرسان» بإطعام طفل ساذج بعض الشيء طعاما فاسدا. وأصبحت هذه العادة أكثر انتشارا بعض الشيء في الحقبة الهلنستية عن طريق الأنشطة الخيرية العامة وتوزيع الطعام بمعرفة الحكام الهلنستيين والرومان (راجع شميت بانتل 1992، وفين 1976، ودوناهو 2005).
من المعتقد أن النظام الغذائي العضوي القائم على الطعام الطازج لغالبية السكان القدماء كان صحيا إن لم يكن من أجود الأطعمة؛ فالجودة لها أهمية كبيرة، من حيث تقدير الذات والاعتبارات الصحية، كما يوضح جالينوس وجوفينال. قد نعتقد أن جوفينال يبالغ في مقارنته بين النظام الغذائي المخصص للحامي الروماني الثري والنظام الغذائي المخصص لتابعه الفقير في قصيدة «المقطوعة الهجائية الخامسة»:
سيوصي سيدي باستيراد أسماك البوري التي يفضلها من جزيرة كورسيكا أو من الصخور التي تقع أسفل مدينة تاورمينا. ولكن ما الذي ستأكله أنت؟ ربما سمكة إنكليس (مع أنها تبدو كثعبان البحر)، أو سمكة كراكي رمادية رقطاء، نشأت وترعرعت في نهر التيبر، وقد انتفخت بفعل مياه الصرف. (ترجمه إلى الإنجليزية: جرين)
شكل 2-2: مع أن الجراد كان أحيانا يوصف باعتباره من الأطعمة المميزة التي تناولتها الشعوب البعيدة، يشهد أرسطو وغيره بأن الحشرات كانت تؤكل في اليونان. وكان الجراد يستخدم في الطب، وكان يستخدم - شأنه شأن الجمل - في الكثير من الاستخدامات الغذائية في العصور القديمة. (حصلنا على نسخة من الصورة بإذن من كبير كهنة كاتدرائية إكستر ورجال الكنيسة العاملين بها.)
ومع ذلك، فإن الصورة العامة للأسماك الرديئة التي تأتي من نهر التيبر يدعمها جالينوس (ويلكنز 2004). ويؤكد جوفينال على ما يتسم به التابع من مستوى متدن من احترام الذات، في حين يؤكد جالينوس على مدى الضرر الذي يلحق بعملية الهضم لديه.
ونجد مناقشة أكثر استفاضة لهذه الفكرة في فقرتين لافتتين في كتاب جالينوس «عن قوى الأطعمة». تقوم منظومة جالينوس على أن لكل فرد بنية مختلفة؛ ولكنه تمكن فعليا من إصدار بعض الأحكام العامة عن النظام الغذائي للريفيين، ولا بد من مقارنة هذه الأحكام العامة باللمحة العامة التي تتناول النظام الغذائي البشري الذي نناقشه في الفصل الثامن. أولا: مخاطر أكل الجبن مع الخبز:
إذا أضاف المرء الجبن أيضا إلى الخبز - إذ عادة ما يحضره المحتفلون من مواطنينا الريفيين (والذي يسمونه هم أنفسهم الخبز غير المختمر) - يؤدي ذلك إلى إلحاق ضرر محقق بالجميع، حتى إذا كان بعضهم يتسم ببنية قوية للغاية، مثل من هم بطبيعتهم أفضل الحصادين وحافري الخنادق؛ فمن الملاحظ أن هؤلاء يهضمون أنواع الخبز غير المختمر على نحو أفضل من أقوى الرياضيين (كما يهضمون اللحم البقري ولحم ذكور الماعز). فما ضرورة ذكر الغنم والعنزات أيضا؟ في الإسكندرية، يأكلون لحم الحمير كذلك، وبعضهم أيضا يأكل الجمال. تؤثر عاداتهم في عملية الهضم لديهم، ومن العوامل التي لا تقل أهمية عن ذلك كمية الطعام القليلة التي تؤكل، وحالة نفاد الطاقة من الجسم بأكمله التي تلازم بالضرورة من يكدحون طوال اليوم في مزاولة أنشطتهم. ففي حالة نفاد الطاقة من الجسم، لا تخرج من المعدة كتلة أطعمة نصف مهضومة فحسب، بل أيضا - في حالة البدء في العمل بعد تناول الطعام - تخرج أحيانا كتلة طعام غير مهضومة على الإطلاق تسمى الكيموس؛ وهذا هو السبب في أن هؤلاء يتعرضون فيما بعد لأسقام وخيمة للغاية ويموتون قبل أن يبلغوا الشيخوخة. ومعظم الناس الذين يرونهم يأكلون ويهضمون ما لا يستطيع أحد منا أن يأكله ويهضمه؛ يهنئونهم على قوة أجسامهم، جهلا منهم بهذه المعلومة. علاوة على ذلك، لما كان من يبذلون مجهودا شاقا للغاية ينامون نوما عميقا للغاية - وهذا يساعدهم على الهضم بدرجة أكبر - فهم يصبحون أقل عرضة للإصابة بالضرر بفعل الأطعمة الضارة. ولكن إذا أجبرتهم على البقاء مستيقظين لأكثر من ليلة على التوالي، فإنهم سرعان ما سيمرضون؛ لذا، فإن هؤلاء لا يحصلون إلا على هذه الميزة الواحدة من هضم الأطعمة الضارة. (جالينوس 1، 2، ترجمه إلى الإنجليزية: باول)
هذه الفقرة المفيدة توضح الفارق بين بنية العامل وبنية نظيره الغني، وهو القوة الظاهرية لقدرته على الهضم ، ولكن تكمن الخسارة التي يتكبدها في المرض والوفاة المبكرة، وفي مخاطر الطعام الريفي بعد طهيه؛ فالموضوع لا يتصل فحسب بالمكونات الرديئة، بل بالجمع أيضا بين مكونات غير منسجمة. ومع ذلك، فمن الإيجابي أن نشير إلى أن جالينوس يتحدث عن عادتهم في تناول اللحوم، وإن كان لا يتحدث عن تكرار تلك العادة. ويذكر جالينوس المزيد عن مخاطر الطهي الريفي في فقرة عن حبوب القمح المسلوقة (1، 7):
لكن ذات مرة حين كنت أسير في الريف بعيدا عن المدينة بصحبة صبيين من سني، صادفت حقا بعض الريفيين ممن فرغوا من تناول طعامهم، وكانت النساء يتأهبن لإعداد الخبز (إذ كان قد نفد عندهم)؛ فوضعت إحداهن القمح في القدر على دفعة واحدة وسلقته، ثم أخذن يتبلنه بكمية بسيطة من الملح ودعوننا أن نتناوله. ولأننا كنا نسير ونتضور جوعا، قبلنا الدعوة بسرور، وأكلنا من القمح المسلوق بحماس، فشعرنا بثقل في المعدة، وكأنه يوجد طين يضغط عليها. وطوال اليوم التالي لم تكن لدينا أي شهية لإصابتنا بعسر هضم؛ ولذلك لم نستطع أكل أي شيء، وكنا نعاني من غازات البطن وأصبنا بالصداع وتشوش في الرؤية. ولم نشعر بأي رغبة في التبرز، وهو الدواء الوحيد لعسر الهضم؛ ولذلك سألت القرويين إن كان سبق لهم أكل القمح المسلوق، وسألتهم عن تأثيره عليهم؛ فقالوا إنهم كثيرا ما أكلوا منه عند الضرورة مثلنا، وإن القمح المحضر بهذه الطريقة كان من الأطعمة الثقيلة وصعبة الهضم. (ترجمه إلى الإنجليزية: باول)
في هذا المشهد، نجد أن الريفيين بوسعهم الحصول على النوع الأفضل من الحبوب - وهو القمح - ولكنهم مع ذلك غير قادرين على إعداده بالطريقة المثلى؛ وبهذا تقل استفادتهم منه عما إن كان قد تحول إلى الصورة المثالية كخبز مختمر. وتجبرهم الضرورة على التزود بالطعام حتى قبل تحضير الطعام بحسب الحاجة؛ ومن ثم، فإن الريفيين عرضة للابتلاء بمستوى متدن من الجودة وطريقة تحضير غير مناسبة. قارن ذلك مع جارنسي (1999). ومن الممكن أن نشير أيضا - بخصوص مناقشة النوع الاجتماعي لاحقا في هذا الفصل - إلى أن النساء يخبزن الخبز ، ولكن الرجال هم الذين يتحدثون إلى الغرباء الثلاثة حين يظهرون في الحقول، وهن اللاتي يطهين القمح المسلوق كوجبة عاجلة.
Shafi da ba'a sani ba